عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

أم الخطايا الاقتصادية

كما أن من السـهل أن تبدأ دولة الحرب عندما تشاء ومن الصعب أن تنهيها عندما تريد ، كذلك من السهل أن تقدم حكومة تنازلاً خاطئاً ومن الصعب التراجع عنه وتصحيح الخطأ فيما بعد.
ينطبق ذلك على تسعير المشتقات البترولية الذي كان يتم في نهاية كل شهر حسب الكلفة الحقيقية ، فيرتفع حيناً وينخفض حينأً آخر ، ولكن الموازنة لا تتأثر إيجاباً او سلباً ، ولا تتعرض للمفاجآت ولا علاقة لها بتقلبات أسعار البترول العالمية.

فجأة قررت إحدى الحكومات الأردنية قبل سـنتين تجميد الأسعار لمدة ثلاثة أشهر ، لأنها لم تجرؤ في حينه على رفع الأسعار عندما كانت الاحتجاجات الشعبية في أولها ، لكن الثلاثة أشهر امتدت 24 شهراً.
نظام التسعير الشهري ، كتطبيق عملي لتعويم أسعار المحروقات ، ُعمل به لمدة سنتين بنجاح كامل ، وتقبل الناس تقلبات الأسعار بالاتجاهين ، وظلت الموازنة محايدة لا تتأثر بتقلبات أسعار المشتقات النفطية ، فلم تكن الحكومة مضطرة لتقديم هذا التنازل كرشوة للشارع ولكنها أعطت الأولوية لشعبيتها.
في حينه قلنا أن الحكومة أوقعت نفسها والحكومات القادمة في ورطة لن تستطيع الخروج منها إلا بهزة عنيفة كما حصل عندما شرب رئيس الحكومة الدكتور عبد الله النسور حليب السباع واتخذ القرار الذي تأخر 24 شهراً وتحمل العواقب والضغوطات.
ليس معروفاً لماذا ُتعطى شركة مصفاة البترول حق احتكار استيراد المشتقات النفطية بعد انتهاء امتيازها ، فهي شركة صناعية مهمتها التكرير وليست شركة تجارية تستورد وتبيع وتوزع كما تجد مناسباً لها ولو على حساب المستهلك والخزينة.
أم الخطايا في الحياة الاقتصادية هي التأجيل والترحيل ، فالحكومات لا تريد أن تتحمل مسؤولية قرارات صعبة ، بل تفضل تدويرها للمستقبل ، وبانتظار ذلك يتراكم الخطأ وتتسع الفجوة ويصعب تجسيرها.
هل يعقل ، في بلد فقير كالأردن ، وحكومة غارقة في المديونية ، وموازنة لا تزيد عن 7 مليارات من الدنانير في 2012 ، أن يخصص 8ر2 مليار دينار لدعم الكهرباء والمحروقات والقمح والأعلاف أي أكثر من 40% من الموازنة ، ماذا يبقى لأبواب الإنفاق الأخرى ذات الأولوية في مجالات البنية التحتية والخدمات المختلفة وخاصة الصحة والتعليم والأمن الداخلي والخارجي.
هذا الدعم لم ُيدفـع من فوائض مالية متوفرة ، فالأردن ليس منتجاً للنفط ، بل ُدفعت من قروض عقدتها الحكومة مع البنوك بأسعار فوائد عالية ، مما رفع المديونيـة إلى حوالي 17 مليار دينار ، أو أكثر من 75% من الناتج المحلي الإجمالي.
الاقتصادي إبراهيم أبو سيف بحث أسباب صعود الاقتصاد البرازيلي مقابل هبوط الاقتصاد المصري ، ووجد الجواب في مقارنة الموازنة العامة للبلدين ، فالبرازيل تخصص الأموال لأغراض الصحة والتعليم أي الاستثمار في الإنسان ، أما مصر فتخصص الاموال لدعم السلع والاستهلاك.