هل هي شراكة حقاً؟
علاقة القطاعين العام والخاص غامضة , ودور الأخير فيها هو دور المتلقي.
أنظر الى الإجتماعات التي تجمع الطرفين , والتي يقوم فيها المسؤول بدور المحاضر وعلى ممثلي القطاع الخاص أن يصغوا ويتعلموا.
يعتقد كثير من المسؤولين أن الحكومات تخطىء إذ تستجيب لمطالب القطاع الخاص وتترجمها في قرارات تسارع الى خدمة مصالحه , وهو ما يفسر لهجة الإتهامية المتبادلة وهو ما يفسر أيضا تجاهل المطالب والملاحظات وهو ما يفسر أكثر تجاهل الإصغاء.
المسؤولون في القطاع العام يغفلون جانبا مهما في علاقتهم بالقطاع الخاص بما يتجاوز دور الأستاذية وإحتكار الفهم وإدعاء الحرص على المصلحة العامة وهو فن الاصغاء,وتجاوز الإنتقائية في أخذ المشورة بما يخدم رغباتهم في تمرير قوانين أو تعليمات جديدة , والمسألة برمتها تحتاج لأن تغادر مربع تبادل المنافع والمطالب وهو النهج الذي صبغ أسلوب عمل القطاع الخاص لأن الحكومات المتعاقبة شجعته على قاعدة الحاجة والمنفعة وإحتكار القرار وحتى في ظل قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص فإن هاجس الثقة لا زال يقوض هذه العلاقة.
نجاح الشراكة بين القطاعين ستحتاج الى تعزيز الثقة بين القطاع العام مع نفسه , إذ ليس من الممكن البدء بخطوات في هذا المجال ما دامت فكرة التعاون مكبلة بشكوك لا تراوح بيت القطاع العام نفسه.
علاقة القطاعين العام والخاص غامضة وقانون الشراكة لن يكون دواء لها , ما دامت القناعة بها لم تترسخ لكن ذلك لا يبدو أنه قد يتحقق ما دام المسؤولون في القطاع العام يرون في اللقاءات القطاعية فرصة لإظهارمهاراتهم الخطابية المصدرة للإعلام.
ظلت الحكومات المتعاقبة سعيدة بتشتت القطاع الخاص وقد شجعت تعدد الرؤوس فيه , وفعلت كل ما من شأنه مأسسة هذا التشتت , فكانت أمزجة ترجح كفة فريق على آخر لقيادة مؤسسة هنا وأخرى هناك من مؤسسات القطاع الخاص , وكان التدخل يشمل كل شيء بدءا بالانتخابات الى القرارات والبيانات والادارات.
على مر الحكومات سنحت لنا الفرصة بأن نمارس دور المراقبة في كثير من الإجتماعات التي جمعت في العادة رؤساء وزراء ومسؤولين كبار ووزراء مع ممثلين عن القطاع الخاص , وفي كل مرة ذات الديباجة تتكرر حتى في الإعلام , فكلام المسؤول يحتل 80% من وقت الإجتماع ومن مساحة الخبر الذي ينتهي غالبا بفقرة قصيرة تقول أن ممثلي القطاع الخاص استعرضوا مطالبهم ومقترحاتهم والتحديات التي تواجههم وسبل تنسيق الجهود المشتركة لمتابعتها بما يخدم الاقتصاد الوطني ويزيل المعيقات التي لا تزول !!.