داريا والأسئلة الكثيرة
تعرّي كارثة داريا كل الكلام الذي أحاط بالنظام وأخصامه فقد ثبت أن:
– لا اجانب كانوا يقاتلون الجيش السوري، وأن لا وجود لشيء اسمه داعش.
– ان هناك سوريين يعيشون في مدينة كبيرة نتذكر تفاصيلها، أيام نجح الرفيق حنا الكسواني نائباً عن الغوطة عام 1954، وتعرّفنا على الفسيفساء الوطنية للمنطقة، دروز، مسيحيين، مسلمين.
حيازات كبيرة لعائلات ليست من المنطقة، لكن ساكني داريا كانوا يزرعون الخصب في كل زاوية.
المقاتلون اختاروا الانضمام الى ثوار ادلب، والمسافة بين داريا وادلب.. 7 كيلومتر.
والشعب الذي لا خيارات امامه تم تسفيره الى منطقة صحراوية – عزره والضمير – يعرفها كل الذين يسافرون من دمشق الى حمص وحماة والشمال لكن المسفرّين كانوا اقل من سبعة آلاف من مدينة كانت تضم اكثر من ربع مليون سوري.. هجروا مدينتهم تحت قصف البراميل المتفجرة، وها هي التسوية بين السلطة والمعارضة، تفضح حقيقة ان المدينة غير قابلة للحياة.
متى يعود اهل داريا الى مدينتهم التي فقدت الحياة، هل يعودون اليها ام سيحل محلهم آلاف المقاتلين من العراق وايران وافغانستان ولبنان؟
والترانسفير هو هذا الذي نراه في فلسطين وفي سوريا، وفي مناطق معينة من العراق، وهو الحدوث الكارثي الذي يتجاوز الاحتلال ومصائبه، ويتجاوز الوجع العاطفي، والاذلال النفسي والفكري الى ما هو اقتلاع الانسان من ارضه كما اقتلاع الشجرة، وغرس شجرة مستوردة مكانه، والتسبب في تغيير وسائل الحياة في الوطن الجديد الذي يكون في كل الحالات فقيرا، جافا، ومنهك الاقتصاد والمعيشة.
القوى الكبرى لها وجهة نظرها في ما يجري في الوطن السوري الجميل: فاميركا هي وطن الناس المقتلعين من جذورهم في اوروبا ايام حروبها ومجاعاتها وافريقيا ايام كان الملايين يخطفون من غاباتها ويباعون كالحيوانات في اسواق النخاسة في اميركا الشمالية والجنوبية.
وروسيا جربت في الحرب الثانية اقتلاع شعوب القيرغيز من ارضها ونقلها الى ما وراء الأورال، في أسوأ عذاب للناس الرعاة المطلوب منهم العمل في المناجم والصناعة وروسيا جربت حروب الابادة في القوقاز فالولايات المتحدة وروسيا تأخذان وقتهما للخلاف على التفاصيل، فيما يذوي الشعب السوري كما تذوي الشمعة.
ما يجري في سوريا يجري في العراق واليمن وليبيا وفلسطين ولبنان، فالتشرد حالة معدية كالطاعون يصيب المكان ويمتد الى الجيران ويهلك الملايين.
هل نفهم فعلاً ما يجري في وطننا؟!