مشاريع كبرى غير مجدية
حجم الاقتصاد الأردني الصغير نسبياً ، والدين العام الكبير نسبياً ، يفرضان على القرار الاقتصادي الأردني أن يكون في غاية التحفظ وأن لا يجازف بمشاريع كبرى لم تثبت جدواها.
من المشاريع الكبرى ، التي يجب أن تتردد الحكومة كثيراً قبل تمريرها ، مشروع المفاعل الذري الذي سوف يكلف أكثر من 10 مليارات من الدولارات لمجرد إنتاج 20% من حاجة الأردن للكهرباء التي يمكن إنتاجها من المصادر المتجددة ، كالشمس والرياح.
ومن هذه المشاريع الكبرى مشروع سكة الحديد (الوطنية) الذي يكلف مع البنية التحتية 6 مليارات من الدولارات قابلة للزيادة ، لربط الأردن بالدول المجاورة ونقل البضائع من العقبة إلى إربد!.
الربط السككي بالدول المجاورة كالعراق وسوريا يتطلب أن تقوم هذه البلدان بمد سكك الحديد من عواصمها إلى الحدود الأردنية ، إلا إذا كان المشروع الأردني يشتمل على الامتداد إلى دمشق وبغداد ، مما يضاعف الكلفة.
هذه المشاريع عالية التكاليف في بنائها ، وعالية التكاليف في تشغيلها ، ولا يمكن أن تقوم إلا إذا تم تمويلها سواء من البنوك أو الموردين ، مما يضاعف المديونية ، ويرفع تكاليف خدمة الدين العام – أقساطا وفوائد–إلى ما فوق طاقة الاقتصاد الأردني.
يقال أن تمويل هذه المشاريع سيأتي من طرف الموردين للآلات والاجهزة ، ولكن هذا النوع من التمويل أسوأ من الاقتراض المباشر. فالمورد لا يقدم التمويل كمنحة بل كاستثمار ويجب أن يسترد ليس رأسماله فقط بل أيضاً عائدا مرتفعا يعكس عنصر المخاطرة المرتفع ، ويقدر أن مثل هؤلاء المستثمرين يرتبون أمورهم على أساس عائد لا يقل عن 20% سنوياً.
الذين يروجون للمشاريع الكبرى لا تهمهم سوى مصلحتهم في الصفقة التي يسهل تمريرها بحجة أن المشروع سيقام دون أن يكلف الموازنة ديناراً واحداً ، وهي خدعة كبيرة لأن التكاليف الحقيقية للمشروع فادحة وإن كانت مؤجلة ، والإنتاجية محدودة جداً.
المشاريع الكبرى موضوع البحث لا تعد بالأرباح ، بل تحتاج للدعم الحكومي حتى تستمر في العمل ، فهي لا تعمل كرافد للاقتصاد الوطني بل كعالة وعبء عليه.
يبقى أن السكك الحديدية تشكل هدفاً سهلاً للإرهابيين شأن خط الغاز المصري ، وُتشكل حمايتها كابوساً له تكاليف باهظة.
يحاول البعض تحسين صورة المشروع الذري بالإدعاء أن إسرائيل تعارضه. وهذا غير صحيح ليس فقط لأن المشروع سلمي 100% بل أيضاً لأن تحويله لأغراض عسكرية ُيعتبر حكماً بإعدامه.