أين المنح الأجنبية؟
تشكل المنح العربية والأجنبية التي تتلقاها الخزينة الأردنية سنوياً مصدراً رئيسياً للإيرادات وتمويل النفقات ، وهنا نلاحظ أن هذه المنح أخذت تتراجع بسرعة في المدة الأخيرة ، فلم يصل إلى الخزينة في النصف الأول من هذه السنة سوى ما يعادل ربع المبلغ المقرر للسنة باكملها ، فهل سيتم التعويض عن هذا النقص في النصف الثاني من السنة ، نأمل ذلك وان كان أملاً لا يعتمد عليه.
في الظروف الإقليمية الراهنة يفترض أن ترتفع المنح العربية والأجنبية لا أن تنخفض ، فهذه المنح سياسية بالدرجة الأولى ، ويستحقها الأردن لقيامه بدور إقليمي فاعل ومطلوب ، فللأردن إمكانيات كبيرة في هذا المجال ، تعرفها أوروبا وأميركا وتفهمها دول الخليج العربي ، وليس معروفاً لماذا لا يترجم ذلك كله إلى منح أكبر.
يقال دائمأ أن الأردن يعتمد كثيراً على المنح الخارجية ، وهذا صحيح ، ولكن بيانات الشهور الستة الاولى من هذه السنة تبين أن المنح الخارجية لم تغط ِ سوى 6% فقط من إجمالي النفقات في الموازنة.
المنح العربية والأجنبية ليست مجانية ، كما يبدو ظاهرياً ، بل هي مقابل خدمات استراتيجية ، ويجب أن تصنف على هذا الأساس ، فهل بدأ الأردن يقدم خدماته ويقوم بالدور المطلوب منه مجاناً؟.
تبذل الحكومة جهداً كبيراً لإصلاح الوضع المالي وتخفيض العجز في الموازنة ، وهناك أهداف مالية رقمية مقررة ، ولو كان الأردن قد تلقى خلال النصف الأول من هذه السنة نصف المبالغ الموعودة والمرصودة في الموازنة من المنح لهذه السنة لكان العجز في الموازنة قد اختفى أو كاد ، والاقتراض الحكومي قد قل ومعه المديونية.
إلى جانب الفريق الوزاري الاقتصادي تشتد الحاجة إلى فريق وزاري سياسي مهمته إدارة دور الأردن السياسي بما يخدم مصالحه ، إلا إذا كانت الحكومة قد تخلت عن دورها السياسي اكتفاء بتصريف الأعمال والشؤون الإدارية!.
العجز المالي ليس ما يظهر في السطر الأخير من الموازنة بل ما يرتفع به رصيد المديونية الصافيـة ، وقد بلغ في ستة أشـهر 650 مليون دينار ، لا تلام عليه وزارة المالية لأنها كالمرآة تعكس الواقع ، فهذا عجز سياسي قبل أي شيء آخر.