تثبيت المديونية وآمال النمو
موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على برنامج التصحيح الاقتصادي الجديد للمملكة للسنوات الثلاث المقبلة شكلية , فالإتفاق تم والإجراءات التنفيذية بدأت .
ما يهم الحكومة في نفاذ البرنامج هو حصولها على شهادة حسن سلوك يفتح لها أبواب تمويل جديدة , وهي القروض والمنح الموعودة , وما يهم الصندوق هو أن تتكفل هذه الإجراءات بمالية راشدة تفي بإلتزامات المملكة نحو الدائنين .
الحكومة السابقة التي قطعت شوطا كبيرا من المفاوضات بشرتنا أن البرنامج الجديد سيكون مختلفا عن سابقه فهو يهدف الى زيادة فرص العمل بتنشيط الاقتصاد بعكس البرنامج الذي سبقه الذي اهتم بالامور المالية فقط, لكن أيا من الهدفين لم يتحقق , فلا زادت فرص العمل ولا كان ضبط العجز وتقليص الدين مواتيا .
الأسباب معروفة , فقد تزايدت أعباء اللجوء وضغوطها على الخزينة التي تركت على أمل أن يفي المجتمع الدولي بوعوده وهو ما لم يتحقق بالقدر الكافي , بل على العكس وضع شروطا للوفاء بهذه التعهدات وفي مقدمتها برنامج تصحيح جديد .
البرنامج الجديد , لا يخرج عن إطاره المالي , وإن كانت الحكومة الجديدة ركزت في مفاوضات اللحظة الأخيرة على أن تطبيق الإصلاحات يجب أن يهدف الى تحسين النمو وتعهدت بتثبيت نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الإجمالي لعام 2016 كما هو في العام 2015 قبل البدء بخفض تدريجي يصل الى 77% نزولا من 93% في غضون خمس سنوات وهو مسار لا زال محفوفا بالمخاطر .
لا يقلق ارتفاع سقف الدين صناع السياسة المالية والإقتصادية , فالحلول من وجهة نظرهم تكمن في تكبير الناتج المحلي الاجمالي لتثبيت النسبة , وهو ما نفهمه من نظرية النظر الى « المقام وهو الجزء السفلي للكسر وليس البسط وهو جزء من الكسر كما في الرياضيات وهو ما يفسر ترك المديونية لترتفع إلى 6ر25063 مليون دينار في نهاية الربع الأول من العام الحالي لنحو 9ر92 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر .
برنامج التصحيح الجديد يمنح الحكومة إذنا خاصا لزيادة المديونية بإعتبار أن النجاح في زيادة النمو سيتكفل بالوفاء بإلتزاماتها بتثبيته كنسبة وليس كرقم مطلق لكن ماذا بالنسبة لإرتفاع كلف خدمة الدين خلال سنوات البرنامج ؟.
سيحتاج الاقتصاد الى حوافز أكبر كي ينمو بقدر يمكنه من إمتصاص هذه الكلف , ولن يكون الإنفاق الرأسمالي وحده قادرا على أداء هذا الدور , ما دامت الاجراءات تسير بخلاف ذلك في بنود الضرائب وزيادة الرسوم التي ستتكفل بتسديدها الشركات والأفراد من حصص الربح والادخار .
زيادة خدمة الدين العام يحد من فرص النمو الاقتصادي خاصة وان 52 % من نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي هو دين داخلي استفاد من السيولة النقدية المتوفرة من البنوك المحلية والذي إنعكس بوضوح على أسعار الفائدة فالبرغم من الخفض المستمر لها.
المكانة «الأدبية» التي يتبوأها الأردن لا تكفي لجعله أرضاً خصبة للاستثمار مع عودة السؤال الأهم وهو ما إذا كان قرار الإستثمار سياسيا أم إقتصاديا , كما هو في الحالة المصرية ؟.