الصندوق يخفض تسهيلاته!
كان الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي يقتضي الحصول على تسهيل ائتماني (قرض) مبلغ 900 مليون دولار ، ُيدفع على ثلاث سنوات ، ولكن تم في الاسبوع الماضي التوقيع على اتفاقية تم بموجبها تخفيض القرض إلى 700 مليون دولار دون إبداء الأسباب ، على أن يعاد المبلغ إلى 900 مليون فيما إذا تأكد الصندوق أن الأردن التزم بالبرنامج الخاص بالنصف الثاني من هذه السنة.
هذا الوضع يوحي بأن الصندوق خفض القرض بمقدار 200 مليون دولار كعقوبة على عدم الالتزام بالمطلوب خلال الشهور الأخيرة ، وأنه سيسحب هذه (العقوبة) فيما إذا تحسن سلوك الحكومة الاقتصادي والمالي قبل نهاية السنة.
سيقوم الصندوق بإيداع 100 إلى 150 مليون دولار لدى البنك المركزي كدفعة بالحساب ، ولكن ليس قبل نهاية هذه السنة ، مما يدل على أن الثقة مهزوزة للغاية ، وأن الصندوق ليس واثقاً من التزام الحكومة بالبرنامج حتى في شهوره الستة الاولى ، وشعاره: الدفع بعد الرفع!.
يقال بأن إيداع المبلغ لدى البنك المركزي يشكل دعماً لميزان المدفوعات ، وأنه سيغذي احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية لتعويض الانخفاض في حوالات المغتربين والمقبوضات السياحية والاستثمارات الواردة.
الواقع أن هذا الإيداع لا يغير شيئاً في حجم احتياطي البنك المركزي لأن الاحتياطي يحسب بعد تنزيل الالتزامات والودائع بالعملات الاجنبية ، ومنها وديعة الصندوق. بعبارة أخرى فإن الوديعة المشار إليها سيكون من شأنها زيادة موجودات البنك المركزي ومطلوباته بنفس المقدار بالتالي فإن تأثير الوديعة على احتياطي البنك المركزي يساوي صفراً.
من ناحية أخرى فإن توزيع مبلع 700 مليون دولار على ثلاث سنوات يعني قسطاً سنوياً صغيراً جداً ولا يغير الصورة. يضاف إلى ذلك ، لأغراض المقارنة ، أن اتفاق الصندوق مع مصر يدور حول 12 مليار دولار قابلة للارتفاع إلى 21 مليار دولار.
العلاقة بين الأردن والصندوق ليست علاقة مقترض مع مقرض ، فالمطلوب هو برنامج تصحيح اقتصادي حقيقي تضعه الحكومة الأردنية لنفسها ، ويتمتع بقبول الصندوق ويخضع تطبيقه للمراقبة ، وهو أمر مطلوب وطنياً طالما أننا نعترف بأن الوضع الاقتصادي والمالي الراهن غير قابل للاستمرار.
هدف البرنامج ليس حصول الأردن على قرض بمبلغ 233 مليون دولار سنوياً بل إصلاح الوضع الاقتصادي بدرجة لا تقنعنا فقط ، بل تقنع الدائنين والمانحين أيضاً.