زحفٌ إيرانيٌّ من كل الاتجاهات
عندما تصر إيران على ضم الحشد الشعبي، التنظيم المذهبي التابع لفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني، إلى القوات النظامية العراقية، وعندما تصر إيران بتواطئ من حزب الإتحاد الوطني الكردستاني لصاحبه جلال طالباني على زجِّ حراس ثورتها في معركة الموصل فإن هذا إثبات واضح على أن طهران مصممة على إعادة رسم خريطة هذه المنطقة وإحداث تغييرات «ديموغرافية» على الأرض في العراق وفي سوريّا وهذا يجب أن يفهمه الذين يواصلون «التَّغْميس» خارج الصحن والذين رغم كل ما تراه عيونهم من متغيرات يومية على الأرض مازالوا يثقون بما يقوله لهم «السماسرة» الذين تعهَّد أحدهم في فترة سابقة بأنه سيحلُّ الأزمة السورية خلال ساعات معدودات قليلة.
منذ البدايات وعندما كان صدام حسين لا يزال :»شديد الحيْل عالمعْنقيَّة» كانت هناك تحذيرات جدية من بعض الكردية بأن الإيرانيين يريدون ممراًّ «كاريدوراً» عبر إقليم كردستان – العراق لربط سوريا بإيران عسكرياًّ وأيضاً كانت هناك تحذيرات لاحقة من أنَّ قوات حراس الثورة تقيم قاعدة عسكرية متقدمة في منطقة السلمانية التي يسيطر عليها جلال الطالباني لكن الذين يتَّبعون سياسة البحث عن أثر للذئب والذئب واقف أمامهم فاغراً فمه ومكشراً عن أنيابه بقوا يرفضون النظر إلى هذه الحقائق وبقوا يراهنون على ما يقوله «إستراتيجيو» هذا الزمن الرَّديء الذين يعتبره البعض:»آخر زمن».
وأيضاً ومنذ البدايات كان واضحاً أنَّ إيران التوسعية هي المساهم الأكبر في «صُنع» هذا التنظيم الإرهابي الذي أصبح إسْمُه «داعش» الذي سلَّمهُ نوري المالكي مدينة الموصل تسليم اليد والهدف، أي الهدف الإيراني، كان إعتبار العرب السنة كلهم على أنَّهم إرهابيون وشنِّ حرب عليهم على هذا الأساس وتشتيت شملهم وإقتلاعم من مناطقهم التاريخية ورسم خريطة «ديموغرافية» جديدة لهذه المنطقة بهوية مذهبية هي في حقيقة الأمر باتت مفروضة فرضاً وبقوة حراس الثورة وقاسم سليماني وتآمر المتآمرين على بلاد الرافدين وعلى «قلب العروبة النابض» .
إنها صورة سوداوية مرعبة ومخيفة يبدو أن المعجبين بـ»المِسْتر» جون كيري وحدهم الذين لا يرونها والذين لا يرون أيضاً هؤلاء الذين يذودون عن حياض هذه الأمة حتى بأجساد أطفالهم إنْ في حلب الشهباء وإنْ في إدلب وحمص وحماه والزبداني وإن في اليمن وإن في الأنبار وفي بغداد نفسها التي يسعى الإيرانيون لتحويلها من عاصمة للعباسيين إلى عاصمة للفتن الطائفية المطرزة بأكاذيب التاريخ البعيد والقريب.
إنه لا يجب أن يُفهم هذا على أن معركة العرب الجديدة هي مع الشعب الإيراني أو مع المذهب الشيعي المُبجَّل والمقدس.. إنها أي هذه المعركة مع هؤلاء المصابين بعقد التاريخ وبأنهم ورثة المرحلة الصفوية البائسة التي أوجدت في جسد هذه الأمة جرحاً راعفاً كنا نعتقد أنه سيندمل بعد رحيل الشاه ومجيء العمائم السوداء في عام 1979 لكن ثبت أن حساباتنا خاطئة وأن الخلَّ هو الخردل .. ومن لم يَذُدْ عن حوضه بسلاحه يُظلم!!.