ارتفعت الأسعار أم انخفضت؟
أصبح لدينا مؤشران اثنان للتضخم، واحد يعطي قراءة إيجابية ويسمى التضخم الأساسي، والثاني يعطي قراءة سلبية وهو الرقم القياسي لتكاليف المعيشة.
سبب الفرق بين المؤشرين أن عنصرين من عناصر تكاليف المعيشة يتأثران بعوامل غير اقتصادية هما المواد الغذائية وخاصة الخضار والفواكه والتي تتقلب حسب المواسم، وأسعار البترول العالمية التي تؤثر على كلفة المحروقات سواء في مجال النقل أو الإنارة أو غيرهما. استبعاد هذين العنصرين بوصلنا إلى التضخم الأساسي.
تكاليف المعيشة حسب سلة المستهلك المثبتة منذ 2010 تدل على انخفاض الأسعار بنسبة 4ر1%، في حين أن التضخم الأساسي يدل على ارتفاع الأسعار بنسبة 2ر2%.
هذا يعني ان العوامل التي لا تعود تقلبات أسعارها لفعاليات الاقتصاد الأردني (الغذاء والمحرقات) أدت إلى تخفيض نسبة التضخم بمقدار 6ر3 تقاط مئوية تمثل الفرق بين الارتفاع بنسبة 2ر2% والانخفاض بنسبة 4ر1%.
كل واحد من المؤشرين صحيح ويخدم أغراضاً معينة، فالمستهلك يجب أن يلاحظ أن سلة مشترياته الشهرية بما فيا بنزين سيارته أصبحت تكلف أقل مما كانت عليه في السنة الماضية، وإن كان لا يحب أن يعترف بهذه الحقيقة، وصاحب الدخل الثابت يلاحظ أن قوته الشرائية لم تنخفض كما كان يحصل، بل تحسنت، وإن كان لا يحب أن يعترف بهذه الحقيقة.
السؤال ماذا يقول البنك المركزي المسؤول عن استقرار سعر الصرف والقوة الشرائية للدينار، ذلك أن في جعبة البنوك المركزية إجراءات تلجأ إليها في حالة ارتفاع التضخم وإجراءات معاكسة تلجأ إليها في حالة التضخم السالب، فهل سيهتم البنك المركزي بكلفة سلة المستهلك التي تمثل تضخماً سالباً أم بالتضخم الأساسي أي بعد استبعاد المتغيرات التي لا دخل لها بتفاعل العرض والطلب في السوق المحلية كالمحروقات والمنتجات الزراعية.
أغلب الظن أن البنك المركزي يراقب الحالتين من وجهتي النظر، ليخلص إلى النتيجة وهي عدم وجود مبرر لاتخاذ إجراءات بهذا الاتجاه أو ذلك بانتظار أن يتضح الاتجاه العام.
التضخم السالب وإن كان يثلج صدور المستهلكين، إلا أن له تأثيرات غير بناءة، ويستحق المكافحة بنفس القدر الذي تكافح به البنوك المركزية التضخم الإيجابي المرتفع.