البطالة بين الشباب الأردني … حلول عملية من الميدان لا من الورق
بقلم: المهندس مازن خريسات
البطالة لم تعد مجرد رقم يرتفع وينخفض في بيانات دائرة الإحصاءات العامة، بل تحوّلت إلى أزمة مجتمعية واقتصادية تعصف بمستقبل فئة الشباب، وتشكل تهديدًا لاستقرار الأسرة الأردنية، وتحديًا مباشرًا أمام الحكومات المتعاقبة.
بحسب آخر الأرقام الرسمية، تتجاوز نسب البطالة بين الشباب حاجز الـ 30% في بعض المحافظات، وهو ما يدق ناقوس الخطر، خاصة في ظل ظروف إقليمية واقتصادية مركبة، وغياب حلول مستدامة وجذرية.
ولكن، هل نحن أمام أزمة بلا حلول؟ الجواب ببساطة: لا.
فالميدان الأردني مليء بالفرص، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، وشراكة مجتمعية واعية، وإجراءات عملية تُخرج الحلول من الأدراج إلى أرض الواقع.
أولًا: القطاع الخاص… شريك لا مغيَّب
القطاع الخاص في الأردن لا يزال دون طاقته التشغيلية الكاملة، والسبب في جزء كبير منه يعود إلى ضعف الحوافز وضعف الثقة بينه وبين التشريعات الحكوميه والحل؟ بسيط لكنه يتطلب شجاعة في التنفيذ:
•إعفاءات ضريبية مؤقتة لكل شركة توظف حديثي التخرج أو العاطلين عن العمل لفترات طويلة.
•دعم حكومي مباشر لبرامج التدريب العملي (On-the-job training) داخل المؤسسات، ما يمنح الشباب الخبرة ويمنح صاحب العمل الكفاءة.
•تعديل التشريعات العمالية لتسهيل التوظيف الجزئي والمرن، دون تحميل الشركات أعباء إضافية.
ثانيًا: ثورة العمل الحر… من الحارة إلى العالم
جيل اليوم ليس كالأمس. شباب اليوم لديهم هواتف ذكية، وإنترنت، ومهارات رقمية عالية. فلماذا لا نستثمر في ذلك لبناء اقتصاد رقمي حقيقي؟
•التدريب على العمل الحر (Freelancing) في مجالات البرمجة، التصميم، التسويق الإلكتروني، الترجمة وغيرها.
•ربط الشباب بالمنصات العالمية مثل Upwork وFiverr كمصادر دخل حقيقية ومستقرة.
•دعم مجتمعات العمل الحر في الجامعات والمراكز الشبابية، وتحويلها إلى منصات إنتاج رقمية.
ثالثًا: من الزراعة إلى التصنيع المجتمعي
لماذا ننتظر المستثمر الأجنبي ليأتي ويخلق الفرص، بينما لدينا أراضٍ غير مستغلة، ويد عاملة متعطشة، وأفكار جاهزة للتنفيذ؟
•الزراعة الحديثة مثل الزراعة العمودية والزراعة المائية، لا تحتاج مساحات شاسعة بل عقول مدرَّبة، ويمكن تنفيذها في أي محافظة.
•تخصيص أراضٍ للشباب ضمن شراكات مع الدولة، بشروط إنتاجية لا بيروقراطية.
•تمويل المشاريع الجماعية للشباب في الصناعات اليدوية والغذائية بقروض ميسّرة دون فوائد، مع تعهد حكومي بتسويق المنتجات داخليًا وخارجيًا.
العمل التطوعي يُكسب الشاب مهارات إدارية، قيادية، واتصالية لا تقل أهمية عن الخبرة الوظيفية. لذلك، يجب إدماج العمل التطوعي في برامج التأهيل المهني والاعتراف به كعنصر في السيرة الذاتية.
أخيراً مشكلة البطالة في الأردن لا تُحل بالندوات ولا بالشعارات، بل بخطة وطنية شاملة تشارك فيها الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والأهم: الشباب أنفسهم.
الفرصة لا تزال قائمة، لكنها تحتاج إلى قرار. فهل نمتلك الجرأة على البدء؟