تزايد اللاجئين .. ماذا بَعد ؟
لا تحمل الحقيبة الديبلوماسية الدولية الكثير من الاوراق حيال الملف السوري , بعد ان تصاعدت طبول الحرب بتسارع خطوات اللاجئين نحو الحدود الاردنية وباقي المناطق الحدودية , فلجوء هذا الكم من السوريين في زمن تخفت فيه اصوات القذائف والمدافع يدعو الى الشك والريبة وكأن الهروب الكبير يستوجب تحشيد الرأي العام للحرب والاهم الضغط على الاردن لدخول المستنقع السوري لفك الاختناق الداخلي على الاقل – اي ان تصبح الظروف الداخلية الاردنية قابلة لدخول الاردن كطرف اساس في المستنقع السوري لتخفيف العبء على الداخل الاردني – .
لعبة الضغط على الاردن تحتاج الى مهارة خاصة من الديبلوماسية الاردنية وليس الركض نحو مجلس الامن او لعبة الامم , فهذه الكلفة الاقتصادية الضاغطة على اعصاب الموازنة المنهوكة اصلا , لا تحل بقرار دولي او برقم جديد يُضاف الى خانة الصادر في سجل الامم المتحدة , فالدول الطارقة لطبول الحرب عليها ان تتحمل ثمن قرعها , اما ان تقرع هي الطبول وتصاب الاذن الاردنية بالصمم فهذا غير مقبول , وليس من باب الحكمة بقاء الحدود مشرعة على هذا النحو .
الملف السوري لا يُحل بالحرب وهذا بات محسوما على الارض , فالجيش السوري الذي يبلغ تعداده قرابة الربع مليون ما زال متماسكا وممسكا بقواعد اللعبة على الارض ويمارس الكرّ والفر مع جيش النصرة وباقي الفصائل المقاتلة التي في اغلبها من غير السوريين , والحديث عن الجيش الحر وغيره من الجيوش يبدو وهما وليس حقيقة , ومشروع تسليح المعارضة سقط على مشارف الجهة التي ستمسك بالسلاح وتاليا توجيه فوهة المدافع نحو الجميع دون تفريق , فالكل في نظرهم كافر او خائن ومهدور دمه .
فوهة المدافع والبنادق التي تلي سوريا هي الملف الذي يقلق الاردن وباقي دول الجوار السوري , فمن يقرع الطبول بعيد عن ارتداد الصوت ومن يمول الحرب لا يكتوي بنيرانها , ولهذا يستهدفون الضغط على الاردن ليقف في الزاوية محشورا بين مطرقة القذائف التالية وبين سندان اللاجئين وضغطهم على اعصاب الاقتصاد الاردني ومعيشة المواطن التي باتت تتأثر بالهجرات الجماعية , فلا يجد بيتا للايجار او شربة ماء او لقمة خبز يقتسمها .
ضغط افواج اللاجئين بدأت تفوح منه روائح القلق , فالحل سيكون تخفيف الضغط الداخلي بحرب خارجية او بتوفير منطقة عازلة للسوريين كما تتواتر الانباء , ولبنان لا يستطيع توفير هذه المنطقة , وتركيا العضو في حلف الاطلسي تهرب من هذا الفخ وهذا الاستحقاق العالي الكلفة , ولم يبق الا الاردن ليدفع الثمن عبر الضغط على اعصابه الحساسة , دون النظر الى التبعات اللاحقة لخطورة الوصول الى هذا الحل الكارثي , الذي سنضطر له مرغمين اذا ما بقيت الحدود مشرعة على هذا النحو .
نعرف حساسية اغلاق الحدود وعدم مطابقتها للمعايير الانسانية وعدم توافقها مع النخوة الاردنية الطبيعية والاصيلة , لكن الامر ليس حالة عابرة او وقت مستقطع بل بات الامر منهكا ومربكا لتفاصيل الحياة اليومية الاردنية , كما انها ليست حالة هجرة بقدر ما هي حالة توريط للاردن الذي لا يستطيع ان يقف بعد وصول مليون لاجئ او يزيد الى اراضيه , وما يجري توريط في المستنقع اكثر منه تفريط بالارض مقابل الحياة .
omarkallab@yahoo.com