0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الحاسوب الغَبيّ!!

كل حواسيب العالم، الذكي منها وحتى العادي تعرف الجمع والقسمة والضرب الا الحاسوب الغبيّ الذي يعشقه العرب ويفضلونه دائماً على كل الحواسيب والمحاسيب معاً، لأنه متخصص في القسمة والطرح فقط، ولا يعرف شيئاً عن الجمع والضرب.

انه حاسوب قومي بامتياز تاريخي، استخدم بمهارة رغم غبائه في الجاهلية وتكرر استخدامه في الدولتين العباسية والأموية وكان دليل الغساسنة والمناذرة مثلما كان دليل داحس والغبراء، ويبدو أن العربي قد أدمن الطرح والقسمة، فلو بقي فرد واحد لطرح نفسه من نفسه أو قسمها على اثنين، وهذا ما حدث بالفعل، لكن على صعيد سايكولوجي، والا من أين جاءت هذه الشيزوفينيا الوبائية التي تضاعفت فأصبحت رباعية في زمن أصبح كل شيء فيه مُباحاً ومتاحاً باستثناء شيء واحد هو الصدق مع الذات والتفاهم معها، فثمة لغة ليلية وأخرى نهارية وبينهما لغة ثالثة للمراوغة والنفاق ببعديه السياسي والاجتماعي.

الحاسوب الغبيّ جعل من الأغنى في العالم كله الأشد فقراً، ومن الأكثر عدداً الى الأقل قيمة وفعالية.

ولو أعطي هذا الحساب رقماً ديمغرافيا يصل الى الثلث مليار لقسمه على الفور وطرح بعضه من بعضه الآخر بحيث يكون حاصل جمع الأصفار صفراً حتى لو كان بحجم جبل أو قارة!

والظاهر ان مستخدمي الحاسوب الغبي لا يريدون اصلاحه، أو حتى الاعتراف بأنه معطوب، لأنهم مستفيدون من قسمته وطرحه بقدر ما هم متضررون من جمعه وضربه.

انهم يعلنون القسمة والتقسيم علناً لكنهم يسبحون بحمدها سراً، فالجميع فاضح لأنه يرفع المعيار من مستوى الحارة والزقاق الى سقف أمة لقد تم الاحتكام الى الحاسوب الغبيّ في حروب ونزاعات حدودية صورت على أنها وجودية ولو اعطي هذا الحاسوب مساحة العالم العربي لحولها على الفور الى أمتار لا تصلح خنادق أو حتى قبوراً، فهو مصمم ضد الجمع، ولو أضاف واحداً الى واحد لكانت النتيجة واحداً فقط، لكنه ميت أو جريح!

ان تسعين بالمئة من الكوارث التي ألمت بنا في الحرب والسلام، والسراء والضراء هي بفضل هذا الحاسوب الغبيّ الذي صدق من آمنوا به بأن الأوطان تقبل التحول الى كسور عشرية وأن المواقف السياسية والأخلاقية يمكن توزيعها الى أخماس أو أسداس بحيث يكون المرء مع القاتل والقتيل بالدرجة ذاتها والحماس ذاته، ويكون مع الخائن والشهيد معاً، فلا يفرق بين دم وماء ودمع وعرق، لأن ما تورطت به عيناه المليئتان بالصديد هو السّراب الذي لا يغسل ميّتاً ولا يكفي لغرغرة!