وأخيرا فعلها فياض !
في العاشر من سبتمبر 2012 كتبت في هذه الزاوية مقالا تحت عنوان «نصيحة للدكتور فياض… افعلها» فقد كانت مناسبة المقال هي تلك المظاهرات التي رتبتها قوى متنفذة داخل السلطة للخروج الى الشارع من اجل شتم واتهام فياض وتحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السلطة، في تلك الفترة كان على فياض أن يرحل وان لا يبقى دقيقة واحدة أولا لعلمه الكامل بالمؤامرة التي تحاك ضده والهادفة إلى حرقه في الشارع وتشويه صورته، وثانيا لعلمه أن أي تأخير في الرحيل سوف يزيد من المشكلة وسوف يوسع من قدرة القوى المحرضة عليه في الإضرار بصورته.
أخطأ فياض في ذلك الوقت وقدم استقالته لعباس ولكنه انتظر موافقة هو كان يعلم ان عباس لا يريدها إلا وفق حساباته الزمنية، فتحول فياض بسبب هذا التردد الى «بطة عرجاء وكيس للملاكمة» وأصبحت كل المشاكل الفلسطينية مسؤوليته هو، وكأنه لا توجد رئاسة فلسطينية ولا توجد منظمة تحرير ممثلة للشعب الفلسطيني ولا توجد فصائل ولا توجد مؤسسات، واستسهل الجميع تبرير عجزهم برمي المسؤولية على فياض وفياض فقط.
استقال فياض ولكن ماذا بعد ؟
تستعد فتح ألان من اجل اقتناص منصب رئيس وزراء السلطة بعد أن ناصبت فياض عداءا غير مبرر، وهو أمر سيفتح باب التنافس بل والتناحر داخلها وبين قياداتها على مصراعيه، وسيمهد هذا الوضع تلقائيا إلى إعادة خيار اختيار شخصية مستقلة ولكن من المؤكد أن أي شخصية مستقلة وذات استقلالية وقدرة على اتخاذ القرار المسؤول ستتحول إلى «غريم» جديد للحركة وسيبدأ العمل والتحرك ضدها، لان فتح تريد إما فتحاويا يشكل حالة توافقية بين أقطابها على غرار احمد قريع ابو العلاء مثلا في فترة من الفترات وهو أمر صعب ألان، أو تسلم عباس نفسه الحكومة لحين انجاز مشروع المصالحة وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهو خيار إن تم الأخذ به سيضعف مصداقية النظام السياسي الفلسطيني الضعيفة أصلا أمام العالم وبخاصة الدول المانحة والتي لها تحفظات كثيرة على فكرة جمع كل السلطات في يد رجل واحد، فعباس نفسه كان رأس الحربة في الحرب السياسية على الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الذي كان يجمع بين رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة فلماذا يريدها الآن ؟
وفي حال أصبح عباس رئيسا للحكومة بدلا من فياض فسوف يصبح رئيسا للسلطة وللحكومة وهو حاليا رئيس فعلي للسلطة التشريعية المعطلة حيث يصدر المراسيم الرئاسية كقوانين بدلا منها، وقام بقرار منه بتجريد محمد دحلان عضو المجلس التشريعي من حصانته واسقط عضويته وهو أيضا السلطة القضائية حيث أعطى لنفسه الحق برفض قرارات محكمة العدل العليا وتنفيذها ومارس التأثير السياسي على المحكمة الدستورية في قضايا عدة معروفة.
ففي الوضع الذي أشرت اليه كان فياض فقط السلطة الوحيدة المستقلة والفاعلة ولأنه كان كذلك كان يجب أن يرحل!
rajatalab@hotmail.com