القروض الميسرة للجميع!
خبراء السياسات الإيرانية يلاحظون أن توتير الأجواء في العراق، وخلق فوضى في هياكل الحكم المذهبي – العِرقي التي تمَّ وضع العراق في مخاضها، يتناسب مع الاحباط الذي تشعره طهران من سلوك الإدارة الأميركية معها، بعد ان اشبعت نفسها تفاؤلاً بوضع اقتصادي أفضل بعد توقيعها على تجريد نفسها من مشروعها النووي!!.
طهران محبطة، ولذلك فهي تضغط في سوريا ولبنان والعراق واليمن وتعرقل بشكل واضح موجة التفاوض بين الأضداد.. وتحت رعاية أميركية – روسية. خاصة بعد إصدار المحكمة الفيدرالية حكمها بوضع اليد على 6ر2 مليار دولار من أموال إيران المجمدة تعويضاً على مواطنين أميركيين قتلوا في بيروت بانفجار اتهمت واشنطن فيه جماعة موالية لطهران – قبل أن يبرز حزب الله – بقتل وجرح مئات رجال المارينز والمخابرات في عملية انتحارية بشاحنة ملأى بالمتفجرات!!.
إن وضع اليد على هذا المبلغ الضخم ومنع إيران من الحصول عليه، يكشف جزءاً من لعبة العصا والجزرة التي تتبعها واشنطن مع الدولة الإسلامية مع كل ما يقوله الرئيس أوباما عن استعداده للتعاون مع إيران، ودعوته لعرب الخليج إلى اقتسام المنطقة أو حسب تفسيره التعايش فيها. فهبوط أسعار النفط وكلفة حزب الله وتجنيد «الحشد الشعبي» العراقي وتمويله، وتمويل الحرب في سوريا.. لم يبق الكثير من تنقيط واشنطن على اقتصاد إيران بفك الحجز عن أموالها المجمدة.. في العالم!!.
فالعقوبات ليست بسبب برنامج إيران النووي وحده، وإنما هناك عقوبات كثيرة أُمميّة وأميركية تتناول مشروعات الصواريخ البالستية. وقضايا حقوق الإنسان، واتهام طهران بممارسة سياسات إرهابية.. يقول أعضاء في الكونغرس أن تفجيرات 11 سبتمبر ليست بعيدة عن تخطيط طهران. ولذلك فمن الممكن حجز مليارات كثيرة للتعويض عن متضرري الإرهاب في إفريقيا وأميركا الجنوبية. وقد كشفت الحسابات الغامضة في بنما أن أحمدي نجاد أودع أثناء رئاسته أموالاً كثيرة لشراء سندات الدين الأميركية.. وذلك في عزّ تهديداته بالموت لأميركا وشطب إسرائيل من الخارطة!!.
إن المهتمين بالوضع الاقتصادي الإيراني لا يستبعدون أن تكون سياسة الرئيس أوباما إزاء طهران من حيث محاولاته الاقتراب وعرض الصداقة على خامينئي وروحاني في رسائل لم تعد سرية، لا يقوم على فك كل الأموال الإيرانية.. وإنما فتح باب «القروض الميسرة» لانعاش الاقتصاد الإيراني.. وهذا ما يجري الآن في بلد النفط.. العراق الذي بدأ يستفيد من القروض لمشروعات البنية التحتية: الماء والكهرباء ودفع رواتب الموظفين. فليس سراً أن خزانة العراق فارغة!!. وليس سراً أن السعي الحثيث لتشكيل وزارة تكنوقراط إنما هو لتطمين الدائنين على أموالهم. لأن الوزارات العقائدية والمحاصصة هي «البالوعة» التي تطال كل قرش. فالأرقام تقول إن الأموال التي خصصت للكهرباء أكثر من تخصيص دولة صناعية كبرى.. لكن مدن العراق لا تحصل على هذه.. الرفاهية!!.
أهل النفط أصبحوا يزاحمون الفقراء على «الديون الميسّرة».. والبقية تتبع!!.