علاقة المصالح بين الأضداد!
كل هذا الذي يجري في البرلمان العراقي، او في الشارع او في طوز خورماتو او الرطبة وهيت هو في محطته احباط للعملية الكبرى، الهجوم على ثاني اكبر مدينة عراقية الموصل وتحريرها من هيمنة داعش، فدراسة ظروف تسليم المدينة وفرقها العسكرية الثلاث بأسلحتها الثقيلة ودباباتها ومدافعها.. وتسليم فرع البنك المركزي العراقي بملايينه الستمائة دولار على يد 800 مقاتل من القاعدة، انقلبوا على قيادتهم واعلنوا الدولة الاسلامية في العراق والشام.. هذه الدراسة تضعنا أمام حقيقة مُرّة هي: تقسيم العراق الى «مكونات» سُنيّة مركزها الموصل، وشيعية مركزها بغداد والبصرة، وكردية ومركزها منطقة الحكم الذاتي وعاصمتها أربيل.
المالكي رجل ايران، دون مواربة، كان يعمل على تقسيم العراق للفوز بنفطه، وبكربلاء والنجف.,. وبطريق بري من محافظة صلاح الدين الى سوريا.. ولبنان، وقد حقق ذلك، الآن وبعد ان تنبه العرب والعالم الى حجم البلاء الذي نزل بالعراق وتنبه العراقيون شيعتهم وسُنتّهم وكردهم الى ما يراد بهم، انحرف الاتجاه الايراني الى إحباط خطة القضاء على داعش، لأن داعش في الأساس هو مادة تدمير العراق وإطلاق يد إيران فيه، مثلما هو مادة تدمير سوريا، فأكثر المستفيدين من داعش هو نظام الأسد، والمجموعات الايرانية من الحرس الثوري وحزب الله ومرتزقة الافغان وغيرهم.
لقد تنبهت المعارضة السورية مبكراً الى العلاقة المصلحية بين الضدين النظام وداعش، ولكن كان من الصعب إقناع الذين وجدوا أنفسهم يتدخلون في الشأن السوري، فكيف يمكن اقناع الروس بأن الارهابي هو داعش واخواتها، وليس السوري الذي حاول في الشارع اسقاط نظام جثم على صدره.. ثم جرّته الاصولية المذهبية الى حمل السلاح.. فكان ذلك لمصلحة المجرمين الذين يتقنون مهنة القتل والتدمير.
ولعل من عجائب معادلة المصلحة بين الأضداد، مطالبة الحوثيين بأن يشمل وقف اطلاق النار هجوم اليمنيين والتحالف العربي معهم على مجموعات القاعدة التي تُسيطر على حضرموْت وابين وجزء من عدن، وعلى ما نعرف فإن الحوثيين هم من الزيديين الشيعة الموالون لإيران، والقاعدة هي بقايا قاعدة بن لادن السُنيّة المتطرفة التي تعادي الرافضة والمجوس وبقية الألقاب التي نسمعها كل يوم من تنظيم النُصرة.
لن نفهم ما يجري اذا اعتقدنا ان العقيدة الدينية او المذهب هي مادة النزاع الدموي في المنطقة، والمطلوب أن نفهم لماذا تمدُّ سياسات اميركا وروسيا في أمد كارثة القتل والموت والدمار؟!!.