جمهور الدكتور «أوز»
الموضوع برمته مكشوف تماما، لكننا لا نفكر فيه تماما لحظة حصوله، ولا نتذكر أصلا من أدخل هذه الموضة في نسيجنا النفسي. لعلهم الساخرون الأوائل فيما يسمونه حاليا(التان أب كوميدي)، وهو الكائن الذي يقف أمام الجمهور ، ويشرع في الثرثرة بقصد الإضحاك. لعل أحد الشاطرين من قليلي الموهبة، في زمان عتيق، لم يعتمد تماما على ضحكات الجمهور، بل استأجر عدة أشخاص، ودسهم بين المستمعي، بقصد أن يضحكوا بعنف بعد كل نكتة أو قفشة يقولها. والهدف طبعا هو نقل عدوى الضحك الى الجمهور من أجل انجاح العرض قسرا.
انتقلت هذه الطريقة الى برامج الدعاية التي تروج للمنتوجات التجارية ، ونجح الدكتور (أوز) في نقلها الى البرامج الطبية ، وصرت تسمع صرخات الإعجاب المشتراة ، عند الترويج لمادة طبية ، وخصوصا تلك المواد الخاصة بعمليات التنحيف، حيث تربح الشركات الملايين عندما تشتري أنت هذه المادة لمرة واحدة على الأقل . طبعا انتقلت هذه العدوى الى معظم البرامج الترويجية، لجميع أنواع السلع.
أنا –والحمد لله على قول أنا- أشعر بالاكتئاب إذا اضطررت لمشاهدة هكذا كائنات تضحك وتندهش وتطلق صوتيات الإعجاب على كبسة زر،لمجرد الحصول على قروش قليلة ..انها تمثيليات من نوع صناعي؛ إن البطل هو المروّج والبقية جميعهم كومبارس من الدرجة العاشرة والنصف.
هؤلاء المتكسبون الصغار لا يدركون كم أنهم يلحقون بالناس من الأذى، حينما يقنعونهم بشراء منتجات لا تستحق أي ذرة من الإعجاب ، لكن الناس يثقون بالصوت والصورة الخارجة من الشاشة الفضية. وقد تكون بعض هذه المواد مضرة ، يعني أن الشباب يشتغلون كقتلة مأجورين مقابل دراهم إسخريوطية.
لكن ضرر هؤلاء يصير مجرد لعب أطفال اذا ما قارناه بزملائهم الذين يعملون في حقل ترويج الأفكار العفنة ، بذات الطريقة تماما ..وهذا ما يجيده السياسيون العرب في كل مكان ، حيث ابتكروا مجموعات – متناقضة ومتصارعة أحيانا- من المطبلين والمزمرين والمتأوهين إعجابا بما يقوله أصحاب السياسة؛ ما يبني حول السياسي العربي هالة واهمة من الهيبة والرهبة المزيفة.
هؤلاء موجودون في كل مكان في العالم العربي ، واجورهم – بالتأكيد –أعلى بكثير من أجور جمهور الدكتور أوز، لأن المسؤول العربي يدفع هذه الأجور من جيب المواطن العربي مباشرة ، وبالتالي فهو يغرف ما يريد ويدفع بالقنطار .
ghishan@gmail.com