السعودية ومصر والثالــث الأردن
المفترض أنْ ينظر العرب كلهم ، الشعوب والدول ، إلى هذه الخطوة الإستراتيجية التي جاءت في وقتها التي خطاها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز تجاه مصر على أنها أسست لحقبة عربية جديدة بعد كل هذه الإنهيارت التي ضربت الوضع العربي ليس قبل خمس سنوات بدءاً بعام 2011 ولكن قبل ذلك عندما جرى غزو الكويت وعندما « تسلَّط « النظام السوري على لبنان وبدأ في زرع آفة الإرهاب في المنطقة كلها وبخاصة في الدول المجاورة لـ «القطر العربي السوري». .
عندما يصبح العراق محتلاًّ من قبل إيران ، وعملياً خارج المنظومة العربية ، وعندما تصبح سوريا ممزقة على هذا النحو ومدمرة كل هذا التدمير ومحتلة من قبل رأسها حراس الثورة الإيرانية وبالطبع حزب الله الذي أعلن « صاحبه « أنه يشكل عشرات التنظيمات المذهبية والطائفية المستوردة من أربع رياح الأرض وعلى كتيبة متقدمة في فيلق الوليِّ الفقيه فقد كان لابد من هذه الخطوة الإستراتيجية الهامة التي خطاها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز في إتجاه مصر ، أرض الكنانة ، والتي جاءت بعد عاصفة الحزم التي لولاها لكان مرشد الثورة علي خامنئي يفرد عمامته وعباءته أيضاً على الخليج العربي كله .
إنَّ القادة العظماء الذين يواكبون حركة التاريخ ويسبقونها هم الذين يلتقطون اللحظة المناسبة وفي الوقت المناسب ليضعوا التاريخ على مساره الصحيح ويقيناً أن ما قام به سلمان بن عبد العزيز يدلُّ على إدراك إستراتيجي بأنَّ نهوض هذه الأمة من كبوتها الحالية يحتاج إلى تلاقي المملكة العربية السعودية ومصر في خندق واحد وعلى المستويات كافة وهنا فإنَّ المؤكد أن خادم الحرمين الشريفين والرئيس عـبد الفتاح السيسي قد اتفقا على أن الضلع الثالث لهذا المثلث ، مثلث الصمود والتصدي، هو المملكة الأردنية الهاشمية التي تتميز علاقاتها الأخوية بهاتين الدولتين الشقيقتين العزيزتين بأنها تعتبر المثل الذي يجب أن يقتدى في الوطن العربي كله .
فالأردن ، المملكة الأردنية الهاشمية ، يشكل الآن وفي حقيقة الأمر الجبهة المتقدمة لمصر والمملكة العربية السعودية ، فالعراق ، الملتهب والذي يخضع للإحتلال الإيراني واحتلال « داعش « ، من الشرق وسوريا التي أوصلها هذا النظام الاستبدادي والطائفي أيضاً إلى هذه الأوضاع التي توجع القلب من الشمال والمعروف أنَّ فلسطين ، التي هي بمثابة الإبن الأصْغر والابن الغائب والابن المريض لهذه الأمة التي ابتليت بأطماع الأمم فيها منذ سنوات بعيدة ، من الغرب وكل هذا بينما أصبح هذا البلد ، الأردن ، بمثابة مخيم لاجئين كبيراً قصده الهاربون بأرواحهم وأرواح أطفالهم سابقاً ولاحقاً وهذه مسألة معروفة ولاتحتاج لا إلى أدلِّة ولا إلى براهين .
إنه ليس بالإمكان التطلع الآن إلى الجناح الغربي من الوطن العربي لإستكمال هذه الخطوة التاريخية التي أقدم عليها خادم الحرمين الشريفين والأسباب معروفة وهي كثيرة وبالإمكان تبرير بعضها إنْ ليس كلها ولذلك فإنَّ الأردن الذي هذا هو موقفه وهذا هو وضعه والذي يرابط في ما يمكن اعتباره « ماراثون « الأمة العربية لا يمكن الاَّ أن يكون ثالثة « الأثافي « والمؤكد أنه كان حاضراً خلال الخمسة أيام التي كان فيها جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ضيفاً على الشعب المصري العظيم في أرض الكنانة .
إنَّ الأردن بشعبه وقيادته وجيشه يحمي الآن الخاصرة الشمالية للدولة الشقيقة والعزيزة المملكة العربية السعودية بل لدول الخليج العربي كلها والخاصرة الشرقية لمصر المستهدفة من قبل الإرهاب ومن قبل التنظيم الذي بعدما خسر الحكم تحول إلى منظمة إرهابية وهذا يعني أنه كان حاضراً خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى أرض الكنانة وأنه كان حاضراً خلال النقاشات التي دارت والإتفاقات التي أبرمت وعلى أساس أنه لا بد من مثلث لهذه الإنطلاقة المباركة وأن المملكة الأردنية الهاشمية هي الضلع الثالث لهذا المثلث الذي ستنطلق منه النهضة المرجوة للأمة العربية في القرن الحادي والعشرين .