عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

التفاهم والايديولوجية

في سياق «الحالة العقائدية» للسلوك السياسي في الدولة نكتشف رغم كل البراعة الدعائية ان الواقعية تتغلب أمام «المصلحة العامة».
في العلاقات التركية – الاسرائيلية وهذا ليس احتجاجاً على السلوك التركي، فقد وصل الجميع هذا الاسبوع الى حل وسط.. اعلن عنه الرئيس اردوغان في اجتماعه مع قادة الجمعيات اليهودية في اميركا، ونتنياهو في تل ابيب، لقد اختصرت اسرائيل الأزمة مع تركيا الى ثلاثة مطالب تركية امكن حل اثنين منها:
اولاً – اعتذار اسرائيل عن حادثة الهجوم على السفينة مرمرة ومقتل عشرة اشخاص على ظهرها وهي في طريقها الى كسر الحصار على غزة، وهذا تم باعتذار نتنياهو هاتفيا لاردوغان بضغط من الرئيس الاميركي.
ثانياً – التعويض على الضحايا الاتراك القتلى، وقد توصل الجانبان امس الى تحديد الرقم، عشرون مليون دولار.
ثالثاً – رفع الحصار عن غزة، وهذا رفضته اسرائيل بشكل قاطع لانه يتعارض مع امنها الداخلي.
وأهم ما كان في هذا التفاوض، الوصول الى «تفاهم» بين الدولتين يتعلق بمشروع مد انابيب الغاز من الحقل الاسرائيلي في المتوسط، ومن الحصة الاسرائيلية وليس الشريك الاميركي.. بمد انابيب الغاز الى موانئ جنوب تركيا في طريقه الى اوروبا، او شراء جزء منه لتعزيز منتجات الطاقة التركية، او ليكون بديلاً عن الغاز الايراني اذا ما قررت تركيا اخذ موقف جاد من السياسات الايرانية في المنطقة.. خاصة وان عقدة حماية السُنّة العرب ما تزال لم تتأثر كثيراً.. وانها ازدادت بالتدخل الروسي، وموقف الرئيس بوتين الحاد من اسقاط الطائرة الروسية بصواريخ تركية..
هناك ايديولوجيات حزب اردوغان الاسلاموي وهناك الواقعية السياسية في فهم مصالح الدولة التركية، وبالتجربة فقد اختار اردوغان الايديولوجيا في خياره الوقوف مع الاخوان المسلمين في مصر، فخرّب العلاقات مع مصر واصدقائها وهم كُثر، واكتفى بقطر في سياسته السورية.
وهذه لم تعطه الكثير، لأنه لم يستطع انقاذ «النصرة» وهي أساساً تنظيم اخواني سوري.
ووجد اردوغان ان اعادة تركيا الى عهد السلطنة في وقوفها بوجه امبراطورية الشاهات، والصدام المذهبي الذي استمر حتى عام 1913، والحدود العراقية – الايرانية هي حدود وقف الحرب ذلك العام بين الدولتين.. وجد اردوغان ان التبادل التجاري البالغ عشرين مليار دولار هي عصفور في اليد، لا يمكن المناورة عليه لعيون عراق ليست معه في كل حالاته: سلطاناً او رئيساً ديمقراطياً، وهو في الحالة السورية غير قادر على مطاولة روسيا، واميركا ليست معه، ولا الاطلسي.
تقديرات الرئيس اردوغان لم تكن متوازنة في لعبة الشرق الاوسط المعقدة، ونظن انه الان اقرب الى الواقعية منه الى الايديولوجية.