0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الجوفة ومخيمها

رغم اعتلائه سفح جبل عمّاني عريق الا ان جبل الجوفة ما زال أسير الطبوغرافيا الصعبة التي تستفحل ضراوتها مع ارتفاع اعداد السكان , فلا تمنح السكان فرصة للتنفس او فسحة للتأمل رغم الاطلالة الرائعة .

على حواف الجبل نما مخيم الجوفة ايضا كشريك استراتيجي للجبل وسط توافق لا يتوفر في اي مخيم وجبل محاذي , ربما بحكم بساطة الناس وطيبتهم وبحكم المستوى المعيشي الفقير للجميع فتشابك الجبل مع المخيم مع وادي سرور في وحدة الحال والمصير ومن النادر ان تجد فرقا بين المجاميع الشبابية او تمييزا في الواقع الاجتماعي .

المعاناة من قلة المدارس والطلعات التي تقطع النفس منحت الجميع فرصا متساوية في اللعب في الشوارع والحارات والتشارك في فقدان الاطفال لحياتهم من تكرار حوادث السير بعد ان اصبح الشارع الرئيسي مصيدة تصطاد براءة الطفولة .

ورغم اقتراب الحي والمخيم من مستشفى البشير الا ان الوصول الى المشفى يتطلب رحلة معاناة طويلة بسبب الطبوغرافيا اولا وانعدام الرقابة على حركة السيارات المخالفة لشواخص المرور , فلا اعتبار لشاخصة المرور ولا مطبات تمنع التهور واصطياد الاطفال المحرومين من اي منفس وحتى المسجد الوحيد المقام على نفقة السكان لا يجد من يلتفت اليه او يضمن استدامته وصيانته , ولا وجود لمركز صحي رغم توفر قطعة ارض مناسبة له بين المخيم ونزول سرور .

ثمة جهود طيبة لنائب المنطقة يتحدث عنها الناس لكن المعاناة اكبر من جهد نائب طالما ان امانة عمان تتعامل مع المنطقة وفقا لمنهج استعلائي ودون مراعاة لاماني سكان الجبل والمخيم , ولتكون الصورة واضحة فالمخيم اسم اطلقه الناس على المساكن التي تم تشييدها على اراضي اميرية ولا يحظى باعتراف الاونروا , مما يعني انه تابع خدماتيا لامانة عمان .

نقص الخدمات حرف توجهات الناس وقلب معايير العمل البرلماني , فالتشريع والرقابة والمحاسبة باتت شأنا ثانويا او متأخرا في سلم اهتمام الناس , فماذا يعني لهم قانون ضريبة تصاعدي امام طلعة تقطع النفس سوى تصاعد جديد ينتهك احلامهم , وماذا تعني لهم دائرة المتابعة اكثر من انحدار بعد طلعة مرهقة , وحتى قانون الانتخاب فهو يعنيهم لرفع عدد النواب القادرين على خدمتهم وإسماع صوتهم , ربما يقلقهم قانون المالكين والمستأجرين فقط لانه لا يسمح بخفض الاجرة بعد وفاة الاطفال على الشوارع .

وسط هذا الحي ومن جنباته يصعد الحراكيون وينزلون الى ساحة الجامع الحسيني والى مناطق ثانية , ومنه جاء الصوت العالي في الهتاف المعبر عن حالة عتب اكثر منها حالة غضب على الدولة , فهم يعانون يوميا من فقر وطلعات تُجهد الاقدام والصدور ومن ملاحقات من امانة عمان تستل رزقهم وتضيق الخناق على البرايز القليلة في اياديهم , فهم لا يعرفون العملة الورقية بعد , ويعانون من نقص في المدارس والمساجد والمتنزهات وباقي الخدمات .

في الجوفة الجبل والمخيم والوادي , وفي الجوفة كل ما يتمناه المشاهد من اطلالات واثار وفيه ايضا كل انماط الفقر والتمييز ومنه يخرج الصوت الغاضب , وأول الحل مراعاة ظروف الناس وتخفيف الاحتقان المعاشي والنقص في الخدمات وغياب الامل بحلول سريعة وحقيقية لمشاكل تصطادهم كل يوم بل كل ساعة .

omarkallab@yahoo.com