كلام على الهامش الصحفي!
بعد أيام قليلة ستغلق «السفير» أبوابها الورقية والإلكترونية، وقد كانت في مقدمة صحف لبنان وكان رئيس تحريرها طلال سلمان علما عربيا خفاقا في وجه الريح. وعلى الخط ذاته تتجه صحيفة «النهار» سيدة صحف لبنان.. صحيفة غسان، وميشال ابو جودة وأنسي الحاج، وسمير عطا الله، وعبدالكريم ابو النصر.. وغيرهم الكثير. وكان سمير قد نعى مكتبة النهار في وسط بيروت اذ تم اغلاقها.. لأن لا أحد يقرأ.
عندنا كتبنا قبل شهر مقالاً عن ازمة صحفنا اليومية، فاختارت ادارة التحرير حجبه بلا سبب، او لسبب لم تجد انه من الضروري اعلانه. فدنيا الصحافة في بلدنا مختلف. ورئيس الوزراء يزور «الدستور» في عيدها الخمسين، ويعلن أن البلد لن يترك صحيفته الأقدم تغرق.
لا حكومة في لبنان تملك شجاعة د. النسور فلا أحد هناك يحاول ان يعرف سبب انهيار مؤسسات صحفية كبرى.. وطبعا لا احد يزور «السفير» او «النهار» ليعلن تضامنه معهما.
ونعود الى السؤال الذي طرحه صحفيون لبنانيون هل ان الاعلانات قلّت، وهي الممول الحقيقي للصحيفة؟؟ هذا كلام قد يكون مقنعاً لشركة تدقيق الحسابات. لكنه لا يقنع ادارة صحيفة عمرها ثلاثة ارباع القرن.
.. الاعلانات قلت طبعاً، بعد الصحافة الإلكترونية، التي يمكن لصحفي ذكي ان يدير «صحيفة» لوحده.. وان يأخذ جزءاً من اعلانات صحيفة يعمل بها خمسمائة صحفي وعامل وموزع.
سميرعطا الله يقول في سبب اغلاق مكتبة النهار في وسط البلد.. انه: لعدم وجود قراء. ونظن ان هذا هو السبب الاساسي. لقد ادرت صحيفة «الدستور» ثلاث سنوات من 1977-1980. وكنا نواجه لعبة الاعلانات والشركات المعلنة ووكلاء الاعلان، بمكتب الاعلان الموحد. وكنا نواجه تراجع التوزيع بالدخول في اكبر شركة توزيع في العالم العربي.
فالعمل الصحفي هو ادارة وتحرير.. ادارة اولاً. وكانت الادارات تنزل الى الشارع: كان الحاج جمعة حماد المدير العام للرأي ينزل في «زيارات» متكررة لملوك التوزيع في وسط البلد: ابو علي، وفتحي العوضي وغيرهما، ويشرب شاياً معهم على الرصيف وكنت ازورهم مثله، وحتى الان احب زيارة ابي علي واتمنى ان التقي بفتحي.
قراء لبنان اداروا وجههم عن صحافتهم، لانهم اداروا وجههم عن حكوماتهم، ومجالسهم النيابية، واحزابهم، وزعمائهم، لانهم فشلوا جميعا في اقامة دولة لبنان.
اما قراؤنا في الاردن، فقد قرفوا السياسة العربية، فالاردن عكس كل دول العالم، يهتم بانتمائه العربي، حتى بعد ان اصبحت سوريا والعراق بلا حدود، وصارت فلسطين سلطة داخل اسرائيل.
ونقول ان صحيفة «الاندبندنت» التي اغلقت ابوابها في لندن، قد تبقى كذلك سنةً او عقداً لكنها ستعود بشكل جديد، فبريطانيا كالطبيعة: لا شيء يولد ولا شيء يموت.