تحرير تدمر والموصل
الجيش السوري دخل تدمر في الأسبوع الماضي. والجيش العراقي يقترب من الموصل وقد يدخلها في الشهر القادم. هذا التطور هام ولا يعني انتقال زمام المبادرة فقط بل وهزيمة داعش في موقعين أساسيين أيضاً. وهناك خطة لتحرير الرقة ، بالتعاون بين الجيش السوري على الأرض والطيران الروسي من الجو.
الاتجاه أصبح واضحاً ، والقضاء على دولة داعش أصبح مسألة وقت. وربما كانت داعش قد جنت على نفسها بعملية بروكسل الإرهابية ، لأنها أكدت موقعها كبؤرة إرهابية في مواجهة العالم كله.
داعش لا تستطيع أن تصمد طويلاً في مواجهة العالم كله ، كما أن عمليات الإرهاب الدولي التي مارستها داعش مؤخراً ، أقنعت العالم بأن كلفة القضاء عليها أقل من كلفة تركها تتحرك كما تشاء.
داعش ليست دولة فقط بل تيار وفكرة وتوجه. والقضاء على الدولة لا يعني بالضرورة القضاء على فكرة الإرهاب والتطرف والتشدد والعنف والكراهية.
سقوط الاتحاد السوفييتي مثلاً لم يؤد إلى اختفاء الشيوعية كمبدأ ما زال موجوداً وله أنصار يعتقدون أن له مستقبلا ، لكن الشيوعية في عهد الاتحاد السوفييتي شيء والشيوعية بعد الاتحاد السوفييتي شيء آخر.
انتهاء دولة داعش ، ربما خلال هذه السنة ، يعني أن تخرج من الجغرافيا وتدخل مزبلة التاريخ ، فمن المؤكد أنه سيكون لها موقع في كتب التاريخ لسنوات عديدة قادمة ، تماماً كمواقع الخوارج ، والفاشية ، والنازية وغيرها من الشطحات البشرية.
في مراحلها الأخيرة ، وعندما يدرك قادة داعش وأنصارهم أن النهاية قريبة ، فإن سلوكهم سيصبح أكثر عنفاً وعدوانية ، مما يعني أن مخاطر الإرهاب هذه السنة ستبلغ الأوج.
يختلف الإرهاب عن الجرائم العادية من حيث أن المجرم العادي يعرف أنه يمارس عملاً شريراً ، ولكنه يبرر الجريمة لنفسه. أما الإرهابي فيعتقد أنه يمارس عملاً بطولياً ، وهو مستعد للموت من أجل ما يعتقد أنه مرضاة الله وطاعته.
الإجرام ليس له مدارس فكرية تدعمه ، وجهات متخصصة تموله وتسلحه وتعطية فلسفة فكرية ، وليس هناك مفكرون مشهورون روجوا للجريمة ودعوا إليها. أما الإرهاب فهو مدرسة وعقيدة وثقافة ، وله مفكرون ومؤلفون وأصحاب مذاهب وفقهاء وممولون.
الإنسانية لم تستطع القضاء على الجريمة حتى عند أرقى الشعوب وأكثرها تطوراً وتقدماً ، فهل تستطيع القضاء على الإرهاب كفكرة تعشش في بعض العقول وتجد لها جذوراً ضاربة في أعماق التاريخ؟.