الدول «النائحة»
أكثر ما يستفزّني ، ذلك الحجم الهائل من التعاطف اللفظي الذي يقدّمه سفراء العواصم الكبرى ، ووزراء خارجية الدول الغربية نحو القضية السورية ومسألة اللاجئين..دون أية خطوات عملية أو جادة تصدّق أقوالهم ، متباطئين في تقديم ما عليهم من التزامات إنسانية تجاه الدول المضيفة للاجئين..وكأنه فعلاً : (… ع المرتكي هيّن)!!.
ماذا تعني لنا كل هذه الأمنيات، وهذا «الحنان» الزائف، والقلوب الواجلة، والشعور بالأسف..اذا لم يرافقها السعي جدياً الى إبطال مفعول رصاصة أو تضميد يد جريح، او إغاثة لاجىء بكسرة خبز وغطاء…
***
ثم هل يعرف السيد «وليام هيغ» أن سعر كيلو البندورة وصل في الأردن «80» قرشاً وما زال في ارتفاع، وهل يدري « جون كيري» أن الشقة المتواضعة المكوّنة من غرفة وصالون ومطبخ وصل إيجارها إلى «300» دينار شهرياً في القرى النائية، والغرفة الصفية صارت تزيد عن ستين طالباً لا المدرس يرى الطلاب ولا الطلاب يسمعون المدرّس، ثم هل يستطيع السيد «لوران فابيوس» أن يحضر مساء الخميس ويسهر على خزّان بيتنا حتى يملأ نصفه من الماء في صيف كحدّ السيف..
لا نستطيع أن نوّزع على خيام اللاجئين أطباق من» الأسى» ولا أغطية من «الشعور بالمعاناة» ولا معلبات من «التعاطف» الجاف..هناك أكثر من 45 ألف لاجىء يدخل المملكة شهرياً..ومن المتوقّع أن يصل عددهم الإجمالي مع نهاية هذا العام الى ثلث سكّان المملكة، يحتاجون الى طعام وماء ومأوى من اين لنا كل هذا ؟ ..تخيلوا أن يبلغ النمو السكاني 30% في بلد «عايف التنك» أصلاً مثل بلدنا، موارده «ملهوفة « وماؤه بالكاد يستطيع أن يكفي «للمضمضة» و «تقطير العيون» و»المسد» على الجفون..
ايتها الدول «النائحة» لا تضعي يدك في جيبك…لتخرجي «محرمة» تكفكفين فيها دموعك.. فلدينا فائض من إنتاج العاطفة…
فقط ضعي يدك في جيبك وهات (المعلوم)!!