قانون الجرائم الإلكترونية وحق السلطة الرابعة بالحماية
ماجد القرعان
مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي اعدته الحكومة بهدف ردع الممارسات العبثية وفق تبريرها المعلن والذي اصبح بعهدة مجلس النواب الآن لمناقشته واقراره خلال الدورة الإستثنائية الحالية التي بدأت يوم الأحد المنصرم اثار شجون الكثيرين من اصحاب الرأي والشخصيات السياسية والأجتماعية والصحفية والذين شرعوا بتقديم ارائهم عبر منابرهم المختلفة حيث ابدى الغالبية مخاوفهم من ان يكون الهدف مزيدا من التشديد والتضييق على الحريات العامة التي كفلها الدستور وللتضييق أكثر على ( الصحفيين ) الذين اعتادوا النقد والتأشير على مواطن الخلل والتجاوزات والتغول على موارد الدولة بمهنية الصحفي المتمكن والملتزمين بأبجديات المهنة .
المفهوم العام لتطوير التشريعات القائمة وسن تشريعات جديدة تفرضها مستجدات ذات صلة مباشرة بحياة الناس هدفها حماية الدولة بكافة مكوناتها ومنع حدوث ما يُعكر صفو عامة الناس ولا اعتقد ان احدا يخشى التشريعات الناظمة لحياتهم ومن يخشاها هم فقط من اعتادوا التجاوز على الأخرين قولا وفعلا لغايات في نفس يعقوب تتجاوز الإبتزاز والإستهتار والقيم المجتمعية للنيل من سمعتهم والحاق الأضرار المادية بهم وهو أمر مرفوض دينيا واخلاقيا في جميع المجتمعات ومتى تمكنت أجهزة الدولة من تشخيص الواقع فمن السهل ايجاد الحلول الموضوعية التي تضمن سلامة المجتمعات ومن ضمن ذلك التشريعات التي يقوم على اعدادها الخبراء وأصحاب الرأي .
مشكلتنا الكبرى في الأردن تتمثل بانعدام الثقة بكافة أجهزة الدولة المدنية ومعها السلطة التشريعية وهو أمر صنعته العديد من العوامل التي منها عدم وضع الشخص المناسب في المنصب المناسب وانعدام العدالة المجتمعية والشللية وتغول البعض على موارد الدولة دون حساب أو عقاب الى جانب ما نعانيه منذ سنوات من تنامي البطالة وارتفاع معدلات الفقر وتجاهل أهمية تنمية الأطراف .
الخوف وفقدان الثقة فقط وراء النقد الشديد لمشروع قانون الجرائم الإلكترونية والذي وصفه البعض بأسوأ قانون عقابي يوضع في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية وهدفه مزيدا من التضييق على حرية الرأي وبخاصة الصحفيين وأن اقراره كما ورد من الحكومة سيعيد وضع الأردن في قائمة اعداء حرية الصحافة العشرة في العالم كما حصل عام 1997 فيما اعتبر أخرون ان المشروع الذي قدمته الحكومة يحمل الكثير من المصطلحات الفضفاضة والتي منها على سبيل المثال مفهوم اغتيال الشخصية والتي اعتبروها لغايات التضييق على الحريات وسلبها والتي يُعد حمايتها أحد أهم المرتكزات والعناصر بالنسبة للدول المتحضرة .
المشكلة لا تتوقف عند اعداد الحكومة للمشروع والذي لم يسبقه حوارات مع اصحاب الشأن من خبراء ومختصين بل أيضا التعامل المتوقع لمجلس الأمة بغرفتيه مع المشروع فاقراره من قبلهم قد لا يستغرق غلوة فنجان قهوة كما شهدنا بالنسبة للكثير من القوانين التي تم اقرارها والذي تم دون الأخذ بأراء المختصين من خارج المجلس ودون استنادهم لمستشارين من المفترض وجودهم داخل المجلس كما في جميع برلمانات الدول المتحضرة التي تغص بالمستشارين المؤهلين في كافة المجالات والتخصصات .
شخصيا لا أخشى أية قوانين يتم اعدادها حسب الأصول وعلى نار هادئة من قبل مختصين لكن الخوف من القوانين التي يتم اعدادها على عجل لغاية في نفس يعقوب واقصد هنا من قبل المنزعجين من حرية التعبيير والذين يعتبرون النقد الصحفي المباح دستوريا والموجه للمؤسسات ودوائر صنع القرارات هو تجاوز واعتداء على ثوابت الدولة
فهل نشهد نقلة نوعية وحضارية بالتعامل مع مشروع هذا القانون ليخرج بصورة تضمن للسلطة الرابعة القيام بواجباتها في خدمة الدولة الأردنية شريكا فاعلا الى جانب جميع السلطات لنخرج من عقلية الرعب والإسترضاء ويكفي هنا الإشارة الى انه لم يُسجل بتاريخ المملكة ان اصطف اعلامها ضد المصالح العليا للدولة فنقد اداء المؤسسات والتأشير على مواطن الخلل والتجاوزات لا يعني معادة الدولة والتجاوز على ثوابتها .
نتطلع الى علاقة صحية خارج إطار التبعية والريعية تقوم على أسس متكافئة بين الحكومة وجميع مكونات السلطة الرابعة أساسها النزاهة والشفافية والاحترام المتبادل