توطئة سياسية للحرب المقبلة
احلال المعارضة السورية في مقعد النظام السوري الحالي،خلال القمة العربية،احلال خطير استراتيجيا من حيث الدلالات والتوقيت.
هذا الاحلال له نتائج سياسية ودبلوماسية على الارض ابرزها كما اشرت البارحة،اعتبار البعثات الدبلوماسية السورية الحالية في العالم العربي غير شرعية،وتمثيلها سقط فور احلال المعارضة في مقعد النظام السوري الحالي،ولعل السؤال يتعلق بقدرة المعارضة على تسلم السفارات وكيف ستتعامل مع قضايا السوريين من معاملات وجوازات ووثائق وغير ذلك وهي ليس بيدها شيء فعليا،خصوصا،ان النظام باق حتى الان؟!.
لايمكن للعواصم العربية ان تتصرف بازداوجية بعد هذا القرار فتبقى السفارات في يد ممثلي النظام الحالي،وفي ذات الوقت يتم فتح مكاتب للمعارضة السورية في الدول العربية كحل وسطي ومهرب نجاة،امام التعقيدات الفنية لنتائج تسليم السفارات للمعارضة.مأزق اذن!.
احلال المعارضة بهذا المعنى خطوة تصعيدية ضد النظام السوري،لكنه مكلف جدا على السوريين في العالم العربي وعلى العواصم العربية،خصوصا،انه جاء قبل اسقاط النظام السوري،وخلق ازدواجية في التمثيل الدبلوماسي والسياسي،في الحد الادنى.
من الممكن فك غموض الخطوة عبر تفسير آخر،فقد تكون ممهدة لعمل عسكري ضد نظام الاسد،وهناك مؤشرات عدة تقول ان هناك عملا عسكريا محتملا،خصوصا،بعد استغاثة كبير المعارضين السوريين احمد معاذ الخطيب الذي كشف انه طلب من وزير الخارجية الامريكية نصب بطاريات باتريوت في شمال سورية،وعبر انتقاده للدعم المالي الاغاثي والانساني،من واشنطن والعالم،دون تدخل فعلي.
هذا يقول ان ممثل المعارضة السورية يوطئ عمليا لمناطق عازلة في سورية،وقدوم قوات اجنبية،الى الاراضي السورية،مع المعلومات التي تقول ان المعارضة ستطلب تدخلا عسكريا من واشنطن والناتو خلال الفترة المقبلة اتكاء على عضويتها الرسمية في جامعة الدول العربية التي قد تلحقها عضوية مستعجلة في الامم المتحدة تمهيدا لشرعنة التدخل العسكري.
هذه ليست مبالغات،وعلى ذات الارضية شهدنا خلال زيارة اوباما الى المنطقة،مصالحة اسرائيلية تركية برعاية امريكية،وهي تقول مايفوق المصالحة تمهيدا لخطوة كبيرة مقبلة على الطريق،بحاجة الى تنسيق لوجستي وميداني،ولاتتطابق هذه الشروط الا مع ضربة عسكرية محتملة.
مطلق دلالات زيارة اوباما يقول انه جاء ليجدد تسييج المنطقة الاهم لواشنطن في وجه اي مخاطر على خلفية عمل عسكري محتمل.
في ذات الدلالات طار وزير الخارجية الامريكي الى بغداد مخيرا رئيس الحكومة العراقية عمليا بين واشنطن او طهران،ومهددا بغداد اذا مااستمرت بدعم النظام السوري،والسماح بتدفق المال والسلاح من ايران مرورا بالعراق وصولا الى سورية،في خطوة تعتبر عزلا استباقيا قبيل اي حركة عسكرية في المنطقة.
لايمكن فهم جدوى احلال المعارضة السورية في مقعد جامعة الدول العربية،والنظام السوري لم يسقط بعد،وعلى هذا فالخطوة ليست الا حلقة ضمن مخطط اوسع،وتوطئة لخطوات مقبلة،عنونها الخطيب في كلمته حين تحدث عن الدعم الامريكي والناتو والحاجة لبطاريات الباتريوت ومناطق الحماية،وهي عنوان مشفر للتدخل العسكري.
ماجرى في القمة العربية في الدوحة يقول اننا امام شهور حاسمة في الملف السوري،ولعل المخاوف تتعلق بسيناريو واحد يقول ان عملية عسكرية محدودة قد تبدأ،لكنها قد تأخذ كل الاقليم الى حرب شاملة يقتتل فيها الاصلاء والبدلاء والوكلاء ايضا.
maher@addustour.com.jo