الخطيب يخاطب القمة بلغة ربيعية
شغل رئيس ائتلاف المعارضة السورية معاذ الخطيب مقعد سوريا في قمة الدوحة والى جانبه جلس غسان هيتو رئيس وزراء الحكومة المؤقتة . وهذه خطوة مهمة على صعيد المواقف العربية تجاه سوريا لكن من يدري إذا كان معاذ الخطيب سيجد ترجمة عملية من الدعم السياسي والعسكري والمالي بعد خطابه الثوري أمام القمة !.
لقد تحدث رئيس المعارضة أمام الزعماء في الدوحة بلغة الربيع العربي واصطلاحاته ، فبعد المقدمة العاطفية والإنسانية عن معاناة السوريين في سجون النظام وميادين الرماية في المدن والأرياف عرض مواقف الثورة من مفاصل رئيسية تشغل بال واشنطن وإسرائيل وعواصم أوروبا ، وفي مقدمتها ( مصير سلاح النظام الكيميائي ) حيث كشف وجود عروض قدمها عدد من الدول الى المعارضة حول ما اذا كان بإمكانها تدمير مواقع الأسلحة الكيميائية . لكنه اوضح بان المعارضة لن تبيع وطنها وان مصير السلاح الكيميائي في حالة سقوط النظام سيقرره مؤتمر وطني في إطار حل إقليمي لأسلحة الدمار الشامل .
وفي سياق متصاعد من اللغة الربيعية وجه الخطيب كلامه إلى القادة العرب « بأن يتقوا الله في شعوبهم « وان يمنحوها الحرية والكرامة داعيا إلى مبادرة منهم بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين من السجون العربية . مثل هذه الدعوة قد تجد صدى إيجابيا في الدوائر الأوروبية لكنها ستلاقي الإهمال في أحسن الأحوال في الانظمة العربية التي لا تزال تمارس سياسة القمع وكبت الحريات وتكميم الأفواه.
بعض الدول لم تر في الربيع العربي إلا مناسبة لمزيد من القمع لشعوبها ولم يكن تأييدها للثورات إلا من باب تصفية الحسابات مع هذا النظام أو ذاك ، والواقع ان مخرجات هذه الثورات في البلاد التي انتصر فيها الربيع وحيث أقيمت أنظمة جديدة لم تساهم في تعزيز مطالب الشعوب بالحرية والديموقراطية ومن يستمع إلى الخطاب السياسي للقيادات في مصر وليبيا وتونس في كثير من المناسبات لا يجد فيها خروجا عن نص الخطاب العام السابق للنظام العربي ، انه خطاب خال من اي بعد قومي ومن روح الاهتمام بالقضايا على مستوى الامة وليس فقط على المستوى القطري كما نرى ونسمع .
من هنا سجل الشيخ معاذ الخطيب اختراقا في كلمته أمام قمة الدوحة وقد يرجع ذلك إلى أسباب منها ، ان ما تعرض ويتعرض له الشعب السوري من مذابح على مدى عامين خلقت بين صفوفه تيارا عارما من السخط على المواقف الرسمية العربية التى وقفت عاجزة عن تقديم أي مساندة حقيقية له من اجل وقف المذبحة . ولقد سمعت من معارضين سوريين كلاما قاسيا بحق العرب والعروبة كلاما كالذي كنا نسمعه من الفلسطينيين أثناء تعرضهم للاعتداءات والغزوات الإسرائيلية .
لقد شكل حجم الضحايا المروّع الذي يدفعه الشعب السوري وعيا مختلفا بالحرية ، فهي لن تأتي على طبق الناتو ولا على صحن مجلس الأمن وإنما تتطلب شلالات من الدماء لهذا فان المعارضة السورية لن تبيع وطنها كما قال الخطيب من اجل كيميائي وغيره ، وتخطئ الدوائر الأمنية الغربية ان اعتقدت بانها ستنجح في تشكيل سوريا المقبلة حسب المواصفات الإسرائيلية والأمريكية لان ما تكوّن على الأرض خلال العامين الماضيين لا يجعل ثورة سوريا في عهدة أحد إنما في يد توافق الشعب السوري وإرادته .