الثأر والتخلف العقلي والاخلاقي
من القليل الذي ترشح في أخبار القاء القبض على المجموعة المتهمة بقتل شهيدي الدوريات الخارجية في الامن العام، ان المتهم الرئيسي كان المحرّض والمدبر والمنفذ للجريمة.. وان الذي دفعه اليها مقتل قريب له سقط برصاص الأمن لدى مقاومته القاء القبض عليه، وتقديمه للقضاء في جرائم كثيرة وموصوفة، فنحن أمام اعظم انحطاط في التعامل مع حالة الثأرّ.
ان يدفعك الثأر الى الجريمة، فذلك بحد ذاته جريمة، لأن الثأر هو جزء من حياتنا قبل ان نكون نعيش في دولة، لها قوانينها وقضاؤها، ومحاكمها، لكن ان تثأر من الأمن العام، فذلك تخلّف مريع، ذلك ان الأمن العام ليس شخصاً بذاته، وانما هو في هذه الحالة: الدولة! فهل يريد المتخلّف العقلي قتل الدولة؟! وهل الدولة هي الند لقريبه الذي سقط لأنه قاوم القاء القبض عليه لتقديمه للمحاكمة؟!.
لم يطلق الأمن الرصاص بقصد القتل حين يقاوم اجراءً قضائياً هو احضاره للقضاء، ولذلك فمبدأ الأخذ بالثأّر لا يقود صاحبه الا الى: اطلاق النار على الدولة.
وهذا النمط من التخلف ليس حالة فردية، فما يقوم به الاخوان المسلمون في مصر باستهدافهم الدائم لرجال الأمن والجيش المصري ثأراً لرابعة العدوية، هو الثأر من الدولة، وهذا لن يوصل الى اطفاء الغليل في اي وقت: لأن الأمن والجيش يقتلان لكن ليس للثأر وانما لاحضار الناس الى القضاء، والحالة التي نشهدها لا يمكن ان تستمر لأن الدولة اقوى من الافراد، ومن الاحزاب خاصة وان قضية المعارضة والحكم قضية لا يمكن حلّها بالدم والثأر وكل ادوات التخلف العقلي!.
كان المثل الشعبي الذي يقول: ما اتعس الرجل الذي «يهوش» على قرية، سوى القرية التي تهوش على الرجل!! ومع ان القرية لا تحمل معنى الدولة هنا، الا ان المثل الحكيم يتحدث عن موازين القوة بين فرد وبين قرية اهلها مجموعة انسانية تدافع عن حمى القرية ومصالحها واطفالها ونسائها.
في المقاييس، فان هذا المعنى من الثأر لا يدل الا على التخلف العقلي والاخلاقي!!.