اطفاء الازمات .. بأزمات أخرى!!
يخرج علينا عضوا مجلس الشيوخ الاميركي جون ماكين وليندسي غراهام ويدعوان الى تشكيل قوة من مئة الف جندي اجنبي معظمهم من السنة اضافة الى عدد قليل من الجنود الاميركيين، لقتال تنظيم داعش في سوريا. دعوة ماكين- ليندسي التي اطلقاها من بغداد، وهي مركز سياسي شيعي داعم لدمشق الرسمية، دعوة خرقاء، لانها تتحرش بذات المعسكر الذي يدعم الاسد، وفي معقل من معاقل هذا المعسكر الممتد، فالرسالة موجهة ايضا من بغداد الى موسكو وطهران. هذه دعوة تثبت ان الاميركان يريدون القتال بدم غيرهم، ونحن نرى ان كل الشراكة الاميركية في الحرب على الارهاب، شراكة جوية،فلا ترسل واشنطن أي قوات برية الى الارض، لانها تعرف ان الكلفة مرتفعة جدا، على مستوى الضحايا. المثير هنا ان الدعوة تتحدث عن احتلال غربي- عربي لمناطق في سوريا، ولكن ذات الدعوة لاتخبرك عما سيفعله المعسكر المؤيد لدمشق الرسمية ازاء الدخول البري. منذ احتلال العراق، ومايجري في سوريا اليوم، قوس من الفوضى الاميركية، وذات واشنطن تتمنع اصلا عن وقف هذه الفوضى، بل تريدها لطحن كل المنطقة، وذرها في الرماد، عبر مانراه من تطاحن بين كل مكوناتها. برغم ان الاقتراح غير ملزم لاحد، لكنه يكشف كيف ان واشنطن تتعامل مع اهل المنطقة باعتبارهم مجرد حطب في الموقد، ولعلنا نسأل هنا، لماذا سكتت الولايات المتحدة كل هذه الفترة، حتى يصير الحل ارسال 100 الف جندي «عربي سني»، للقتال في سوريا، نيابة عن الامريكان وغيرهم، ولماذا سكتت حتى وصلت سوريا الى هذه الحالة التي تستدعي هكذا حلول جراحية صعبة لايمكن ان يفرضها احد. ثم ان تحديد مذهب المقاتلين بالسنة، تحديد متعمد، فالغاية النهائية ليست مقاتلة داعش، بل اشعال حرب سنية شيعية، في سوريا، فوق التي نراها مشتعلة مذهبيا في المنطقة، هذا اضافة الى ان صاحبا الاقتراح يعرفان ان دخول 100 الف جندي من دول عربية امر سيؤدي الى مواجهة عالمية، في ظل وجود الروس في سوريا، وفي ظل المواجهة بين الروس والاميركان في سوريا. مثل هذه الاقتراحات يتم اطلاقها دوما، وهي لاتمثل الادارة الاميركية، لكنها ايضا تعبر عما يواجهه تيار الصقور في واشنطن، الذين لايعجبهم تهرب الرئيس الاميركي من التورط في أي حرب بريا، خصوصا، مع عامه الاخير، الذي يضغط عليه اكثر، ليخرج من البيت الابيض، دون ان يجر الولايات المتحدة الى حرب مفتوحة ومكلفة سياسيا وامنيا. اغلب الظن ان العالم يدفع اليوم كلفة تورطه في صناعة الازمات في المنطقة، واذا كان هؤلاء لايجدون لاطفاء الازمات، الا بأزمات اخرى،الا ان هذه اللعبة سوف تصل نهاية المطاف الى هاوية صعبة، فلا يمكن هنا جدولة المآسي، والهروب الى الامام، بمزيد من الحلول التي تعد في جوهرها، ازمات من نوع آخر.