أوجاع من الدرجة الثالثة
يقول المثل العربي : «موت الفقير وفضيحة الغني» لا يسمع بهما أحد..ففي الحالتين ليس من مصلحة أحد أن يعرف فالأولى ليست مهمة ، والثانية يجب الا تكون مهمة ..
ما حدث في باريس الأسبوع الماضي يشبه الى حد كبير «موت الغني» و»فضيحة الفقير» في نفس الوقت. فقد اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعاطف والتغريدات والتضامن مع ما جرى واتّحدت عواطف القارات الست في دقائق ضد الارهاب وقتل السلام …لكن هذا التضامن الأنيق الذي لف العالم بالألوان الزرقاء والبيضاء والحمراء «العلم الفرنسي»…وكتابة عبارات التعاطف باللغة الفرنسية ، وتغيير صور «البروفايلات» على «الفيس بوك» بالقميص الأزرق الذي يعلوه الديك..لم نر مثله عندما مات أكثر من 300 ألف سوري بنفس الأسباب والمصدر والأدوات…كما لم نر مثل هذا التضامن العالمي الرقيق مع موت أكثر من مليون عراقي بالتقسيط المريح منذ الحرب على العراق قبل ربع قرن تقريباً …نحن لا «نحسد» أحدا على المصيبة ..ولكن نريد فقط ان نساوي بين الموتين «الموت الغربي» الأزرق» والموت العربي «الحنطي»…
**
الأسبوع الماضي..احتل صدارة التغريدات الفرنسية هاشتاق « أنا كلب» ..حيث عبّر الكثير من المغرّدين عن حزنهم لمصرع كلب بوليسي خلال المواجهات مع مخطط الهجمات عبدالحميد أبا عود في حي «سان دوني»..وشاع وسم «انا كلب» باللغة الفرنسية حتى تصدر الوسوم الأكثر تداولاً نهار الأربعاء الماضي حيث بلغت التغريدات التي تعاطفت مع الكلب «ديزل» أكثر من 15 الف تغريدة كلها حاولت ن تكرّم «ديزل» بتفانيه في محاربة الإرهاب على طريقتها..
هذا التضامن الجميل مع الكلب …قد يكون أجمل في عيوننا لو ان صراخ الأطفال من تحت الأنقاض ودماءهم النازفة على أكتاف المسعفين لاقت بعض الاهتمام والتكريم العالمي الذي حظي به ديزل…وسيكون أجمل وأجمل لو أن الشعور بالوجع لا يقسم حسب العالم..أول وثان وثالث…
أنا لا ألومهم ، لا ألوم أحداً..ربما لأن هذا زمن «الهوهوة» والنباح…لا زمن «انين الظلم والصياح»..