خسائر الكهرباء الى متى ؟
بموجب برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي قبل ثلاث سنوات ، فإن خسائر شركة الكهرباء الوطنية كان يجب أن تنتهي في عام 2017 بحيث يتم استرداد الكلفة كاملة. وقد وضعت الحكومة في حينه خطة عملية وجدولاً زمنياً لتحقيق هذا الهدف ، ولكن لا يبدو أنه سوف يتحقق في الموعد المقرر.
كان هذا عندما كانت أسعار البترول والغاز عالية جداً ، أما وقد هبطت إلى النصف ، فقد كان المفروض أن يتحقق الهدف المرسوم في وقت أقرب مما كان مأمولاً قبل ثلاث سنوات.
لكن هذا لم يحدث ، وما زالت شركة الكهرباء الوطنية تحقق خسائر تقدر في العام الحالي بمبلغ 385 مليون دينار ، مقارنة مع 2ر1 مليار دينار في العام الماضي ، وقد توقع البنك الدولي أن تستمر الخسائر في 2016 و2017 وإن بمبالغ متناقصة.
عندما تصل الخسارة السنوية إلى صفر في عام 2018 (إن شاء الله) فإن مديونية الشركة ، أي خسائرها المتراكمة تكون قد قاربت 6 مليارات من الدنانير ، تشكل أكثر من ربع الدين العام.
خسائر شركة الكهرباء الوطنية لا تعود لسوء الإدارة أو المنافسة وظروف السوق ، بل نتيجة مباشرة لسياسة الدعم الحكومية التي جعلت من تعرفة الكهرباء أداة لإعادة توزيع الدخل القومي عن طريق تسعير الكهرباء ، ليس حسب كلفتها ، بل حسب قدرة المكلف على الدفع.
بهذه الطريقة تم رفع التعرفة بشكل حاد على البنوك وشركات الاتصالات والتعدين وظلت التعرفة رمزية على الشرائح الدنيا بما فيها المكاتب والمحال التجارية والصناعية والزراعية الموصوفة بأنها صغيرة.
مراجعة التعرفة سنوياً لا ُيقصد بها معاقبة الجمهور أو مستهلكي الكهرباء الصغار أو الكبار ، بل استرداد الكلفة الحقيقية والتوقف عن تسجيل الخسائر وتغطيتها بقروض مصرفية بكفالة الخزينة لتضاف إلى الدين العام الذي وصل إلى مستويات عالية وغير مقبولة.
تحت ضغط النواب ، وحرصاً على شعبية الحكومة ، لم يتم الالتزام بالبرنامج ، واستمرت الخسائر ، ولولا انخفاض الأسعار العالمية للوقود لكانت الخسائر بالمليارات.
ماذا عن المستقبل القريب ، وهل تتوفر الإرادة لدى الحكومة لربط التعرفة بالكلفة في مجال الكهرباء كما تم ربط الأسعار بالكلفة في مجال المحروقات؟ وما هو برنامجها ليس لإلغاء الخسائر الجارية فقط وهي محدودة بل لاسترداد الخسائر المتراكمة أيضاً وهي فادحة.