شكراً يا "كاك"كوشيار
بقي الأردن يسمع وعوداً من أشقائنا وإخوتنا في العراق بالنسبة لمد أنبوب نفطي من الأراضي العراقية إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر منذ عهد صدام حسين.. بل وقبل ذلك وإلى عهد نوري المالكي الذي «ملأ» أصابع الأردنيين بالخواتم الذهبية الوهمية.. والآن فإن «كاك» هوشيار زيباري وزير المالية العراقي الذي نعرف صدق عواطفه الحميمة تجاه هذا البلد, المملكة الأردنية الهاشمية, وضع بين أيدينا وعداً من العيار الثقيل عندما قال: إن هذا الخط الناقل للنفط العراقي يشكل أولوية للحكومة العراقية لخدمة الاقتصاد العراقي .
نحن نعرف صدق نوايا «كاك» هوشيار زيباري ونعرف احترامه ومحبته وتقديره لهذا البلد, المملكة الأردنية الهاشمية, ونعرف أيضاً أن هناك علاقات ودية متبادلة بين أكراد العراق والأردن كانت بلغت ذروتها في عهد راحلنا الكبير الحسين بن طلال طيب الله ثراه وعهد زعيم الأمة الكردية بلا منافس الملَّا مصطفى البارزاني أمطر الله تربته بشآبيب رحمته .
لكن ورغم ثقتنا بالإخوة الأكراد, أكراد العراق, وبالزعيم مسعود البارزاني, الذي هو لمن لا يعرف ابن أخت هوشيار زيباري, وثقتنا بالشعب العراقي وحبنا له فإن التجربة الطويلة في هذا المجال علمتنا أن حكاية هذا الخط الناقل التي غدت كحكاية إبريق الزيت قد تبقى حكاية تتناقلها الأجيال المتلاحقة من الأردنيين والعراقيين وبخاصة عندما نتذكر أن قصة هذا «الأنبوب» تعود إلى خمسينات القرن الماضي قبل انقلاب «تموز» الدموي الذي وللأسف ما زال يعتبر عيداً وطنياً لشعب قد ذاق الأمرين منذ نهاية العهد الملكي الزاهر وحتى الآن .
إننا لا نعرف لماذا لم يُنفذ وعْدُ هذا «الخط الناقل» في عهد الرئيس السابق صدام حسين وخلال ثمانية أعوام الحرب العراقية – الإيرانية التي كان اصطفاف الأردن, شعباً وحكومة, فيها إلى جانب الأمة العربية.. إلى جانب الشعب العراقي وهذا أمر طبيعي.. وواجب وطني وقومي وذلك حتى وإن نظرنا إليه الآن بعد كل هذه المستجدات التي بات الحُكْم عليها موضع خلاف حتى بين أبناء الشعب العراقي نفسه .
ربما أن «كاك» هوشيار, الذي كان وزيراً ناجحاً ومبدعاً لخارجية العراق, يعرف أن وعود نوري المالكي لنا, للأردن, كانت كـ «مواعيد عرقوب» والسبب أن مثل هذا القرار «الخطير»!! ليس في يده ولا في يد حكومته وأيضاً ولا في يد الرئيس «مام» جلال الطالباني ولا في يد خلفه وإنما.. إنما في يد الجنرال قاسم سليماني الذي بادر قبل أيام قليلة إلى شطب كل «إصلاحات» رئيس الوزراء حيدر العبادي, وبجَّرة قلم, لأنه رفض التخلي عن قراره وإعادة المالكي إلى موقعه السابق كنائب لرئيس الدولة !!
إنَّ قراراً كهذا القرار, أي قرار «الخط الناقل» الذي تحدث عنه «كاك» هوشيار بنوايا حسنة وصادقة, ليس في يد رئيس الوزراء حيدر العبادي المحاصر والذي قد «يُمْسي ولا يُصْبح» وإنما في يد الجنرال قاسم سليماني.. أي في يد حراس الثورة.. وحراس الثورة من غير الممكن أن «يمرروا» قراراً كهذا القرار قبل مساومات طويلة وقبل أن يقبضوا الثمن السياسي الذي يريدونه سلفاً.. وهذه مسألة بالنسبة للأردن ليست هينة ولا سهلة فهو جزءٌ من منظومة عربية لها مواقف معروفة ثابتة بالنسبة لسوريا والعراق واليمن ولبنان ومنطقة الخليج العربي تختلف عن المواقف الإيرانية.. هذا إن هي لم تتضارب معها !!…الرأي