سائق خليجي: كان اللـه في عون الأردنيـين..!
أصرّ سائق التاكسي الخليجي الذي كان يوصلنا من المطار إلى الفندق عندما عرف أننا أردنيّون أن يعرف كيف يعيش الشعب الأردني في ظل الغلاء الفاحش في الأردن وفي عمّان تحديداً التي أخبرنا بأنه يعرفها جيداً وبأنها مدينة جميلة لكن كلفة المعيشة فيها مرتفعة جداً، وسأَلَنَا، وكنّا ثلاثة، بعد أن أخبرته بأن متوسط الأجور في المملكة حوالي (475) ديناراً، وترجمته له بعملة بلده، سَأَلَنا متعجباً : وماذا يفعل هذا المبلغ الزهيد، وكيف يعيش الأردنيون في ظل هكذا غلاء وأوضاع اقتصادية ومعيشية طاحنة بالغة القسوة..؟! وأضاف ماذا فعلت حكومتكم من أجل تحسين ظروف حياة الأردنيين ومستوى معيشتهم..؟! قلت له: إن موارد الدولة لدينا قليلة، ولا نملك موارد طبيعية كما لديكم، ورأسمالنا الحقيقي والأهم هو الإنسان.. ونحن نستثمر به من أجل الارتقاء بالوطن وتحسين أوضاعنا الاقتصادية.. قال: عن أي إنسان تتحدث.. وأي استثمار في ظل دخل لا يكاد يكفي لسدّ جزء بسيط من الحاجات الأساسية للإنسان الطبيعي، ومعدّل الدخل الذي ذكرتَه لا يساوي ثلث مرتّب شرطي لدينا التحق بالعمل لأول مرّة..!؟ قلت: ما الحل في نظرك إذن..؟ قال: هذه مسؤولية حكومتكم، وعليها أن تتدبّر أمرها، لا سيّما أن نظامكم مَلَكي، والأنظمة الملكية أكثر اهتماماً بشعوبها، مما يحتّم أن يعيش شعبكم حياة كريمة عزيزة مرفوع الرأس.. قلت: الأردنيون كانوا وما زالوا رافعي رؤوسهم، بالرغم من ظروفهم الاقتصادية الصعبة الضاغطة على أعصابهم ومعيشتهم.. وهذا الأوضاع هي المحفّز على المزيد من العمل والبذل للانتقال إلى ظروف أفضل. قال، معبراً عن عدم قناعته: دعك من هذا الكلام الذي لا يفيد.. أوضاعكم لا ترضي أحداً، ونسبة الفقر في بلدكم عالية، واحتياجات الناس تتزايد، والغلاء لا يرحم..! قلت: من الظلم أن تقارن بيننا وبينكم اقتصادياً، فالمواطن لديكم تدعمه الدولة بصورة غير متوفرة في أي بلد في العالم، ويكفي أنكم لا تدفعون أي نوع من الضرائب بسبب الملاءة والفوائض المالية التي وفّرتها الموارد الطبيعية الضخمة التي تنعمون بها، أما المواطن الأردني فينوء بعشرات الضرائب التي تشكّل المورد الأهم لخزينة الدولة..! ويبدو أن حديثي لم يعجبه، لكنه سأل: هل لديكم فساد مالي في الدولة..؟! قلت: ما من دولة تخلو من الفساد والفاسدين..! قال: وماذا فعلتم بالفاسدين..؟! قلت: نسمع بهم ولا نعرفهم..! قال: حكومتكم مُقصِّرة، وعليها أن تفعل شيئاً لرفع مستوى حياة شعبكم فهذه مسؤوليتها.. قلت: ألا تعلم أيضاً أننا نعيش وسط بؤرة ساخنة بل ملتهبة.. وأننا مع ذلك نعيش حواراً مصحوباً بالجدل حول أولويات الإصلاح في بلدنا وتشريعاته في الوقت الذي يتحاور فيه الآخرون بالرصاص والتفجير والدم..! قال، وهو يتوقف أمام مدخل الفندق: كان الله في عونكم.. فأنتم شعب جبّار..