العربة قبل الأخيرة..
تقول النكتة ان أحمقاَ قصير الذاكرة كان يسكن قرب شلال هادر..وطيلة سنوات عمره كانوا يصحو باكراً ،عقف أذنيه بكفيه ..متسائلاً” ما هذا الصوت”؟..ثم يضرب جبهته براحة كفّه متذكّراً “انه الشلال”…كان يكرر نفس السؤال ، كل يوم على مدار أربعين سنة حتى صار وجهه كاريكاتيريا بامتياز، أذنان معقوفتان..وجبهة مطبوقة!…
نحن لا نفرق كثير عن “جار الشلاّل” ..حيث يقوم موقع “تايمز هاير ايديوكيشن” كل عام بنشر أفضل 250 جامعة على مستوى العالم ثم يترك الباقي يتصارعون عند حدود الرقم 800 بعد أن يكتفي بنشر فضائح التعليم في العالم العربي…
وفي كل عام وبعد نشر قائمة أفضل 800 جامعة..تقام مآتم أكاديمية ضيقة في وزارات التعليم العالي ورؤساء الجامعات والأساتذة الجامعيين ما تلبث أن تنفضّ دون تقييم او تقويم للمسار العلمي…ثم تعقد في السنة التي تليها وعلى توقيت “تايمز هاير ايديوكيشن” بنفس الحجم وردة الفعل ..
قبل ان نبحث عن رقمنا في كومة المئات..فلنسأل أنفسنا..كم نصرف على البحث العلمي؟..ماذا نقدم للطالب الجامعي غير دروس التلقين؟..
ماذا تنتج جامعاتنا غير كمية هائلة من الخريجين و “الغراميات” والمشاجرات الذكورية ووعود “حواء وآدم” المعهودة؟
أين الجامعات من بناء الدولة وخدمة المجتمع المحلي؟ ..كم بحث قابل للتطبيق؟ كم اختراع تم تبنيه ؟ كم رسالة ماجستير طبقت عمليا؟؟ كم يقضي الطالب في المكتبة؟..
ما نسبة ما يصرف على الجامعات مقارنة ما يصرف على المهرجانات الترفيهية والأعياد الوطنية وأعياد ميلاد الزعيم العربي؟…ثم من قال أن فخامة المباني و اتساع مساحاتها والمبالغ المصروفة على الاستعراض مقياساً للتقدم العلمي ؟
كل هذا لا يساوي جناح بعوضة ..ما لم نحقق مركزاً متقدّماً في تصنيف الجامعات العالمي وتضع أقدامها بين كبار المنشآت العلمية العالمية…
وكأنه مكتوب علينا أن نبقى في العربة قبل الأخيرة في كل شيء، السياسة ، العسكرة ، الاقتصاد ، الرياضة ،الفنون، وحتى التعليم..عندما بحثت عن أفضل الجامعات التي حصدت أفضل المراكز في المنطقة كانت موزعة بين ثلاث دول ” الكيان الاسرائيلي”..”تركيا” و”ايران”..وهؤلاء هم من يحتلون ملعب السياسة في المنطقة…وهذه اشارة واضحة لأرباب القرار عليهم التقطاها ..لن تنعم دولكم بكراسي محترمة على الطاولة السياسية…ما لم تعتنوا بكراسي التعليم…لا تكتفوا بالعربة قبل الأخيرة ،فالعربة الأخيرة لا تحوي الا جثامين من لفظهم حوت الزمن…