0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

حــلاوة الــرمــان وعْقابهــا

 بين يدي الله شيخ جليل ، قضى عمره في البناء الاجتماعي واصلاح ذات البين ، بعد خدمة في ساحة الشرف في القوات المسلحة ، مَلك من الروح أعذبها ومن اللسان أدفأه ومن القلب اصدقه ، الشيخ عقاب ابو رمان ، سنديانة البلقاء وبيضة قبّان حاضرتها ، السلط ، واحد وجوهها الممتدة على خارطة الاردن ، وأحد ثلاثة الاثافي في المدينة الأبهى ، واسطة عقد البلقاء ، مروان الحمود وحمدي ابو السمن الذين شرفت بمعرفتهم وهناك من رجالاتها الكثير الذين لم اشرف بمعرفتهم . العم ابو صقر في غيبوبة مرض ، تتطلب الدعاء والابتهال الى الباري جلّت قدرته ان يرأف به ، فهو من جيل رسم الاردن على قلبه وشما وحارب على اسوار القدس واكتوى بنيران النكسة في فلسطين فبقيت القدس في حدقة عينه وسويداء قلبه ، له من النوادر وخفّة الدم ما يجعل القلب سعيدا ومن الصلابة ما يذكرّك بمطرق الرمان ومن الحكمة ما يفيض عن حدود المدينة الى باقي الجغرافيا الاردنية مع شقيق روحه العم ابو صلاح ، الذي آزر الشيخ عقاب صبح مساء ، وبقيت خلطة شخصية العم ابا صقر خلطة عجيبة وغريبة قريبة الى العقل والقلب . ذات جلسة تأدب وتعلّم في حضرته سمعت لاول مرة مصطلح “ لقمة الفضيل “ وكان احتفاء بتعيين نجله في وظيفة فرح بها الشيخ ولم تكتمل لظروف النكاية ، لم يكن يتناول الكنافة بحكم السكري وعندما جوبه بطبق في منزله من يد الضيف لم يرفضه ولم يستطع تناوله ، فأمسك معلقة الضيف وصحنه وأخذ لقمة ، ولما اصاب الضيف الحرج والرجاء بتناول الحلاوة  اجابه قائلا سأتناول لقمة الفضيل بملعقته ، وشرع يسرد كيف ان الطفل اذا ما تأخر في النطق يأتي اهله بلقمة من فم رجل كريم وشيخ جليل ويطعموها للطفل وسرعان ما ينطق الطفل ، وهو اراد ان يتعلم دفء الحديث من الضيف ، وكلنا يعلم ان الحرف يطاوع الشيخ عقاب مثللما تطاوع العجينة ايدي خباز ماهر . عقاب ابو رمان من طينة عجيبة بدأنا نفقد ذائقتها ولا نجد من يملأ مكانها ، فتلك اجيال نخسرها دون تعويض ولا نملك الا الدعاء لها بالرأفة من الخالق ، فكل ما عاشه الشيخ عقاب كرم ورجولة ، كان يقتنص لحظة الفرح ويقتنص  الضيف لاكرامه كصقر يقتنص فريسته ولذلك كان اسم بكره صقر ، فطابق الحال الواقع في حالة نادرة ، كان اسمه شرفا وشرفه لقبا وكان يرسل الحكمة على شكل دعابة والدعابة درس وموعظة ، وكانت الجلسة معه شهادة جامعية بحد ذاتها . عندما هاتفني صباحا نجل شقيقه واخي حسام لم يخرج الشيخ من ذاكرتي ، حسام كان يتحدث بيقين المؤمن ان قدر الله نافذ ولحظة الدمعة الحارقة ازفت ، وجرى شريط الذكريات من رفقة مع العذب محمد ابو جاسم نجل عقاب وأمله الى وصفي واحمد ابناء شقيقه العم الفاضل ابو صلاح الى الاحفاد الذين باتوا شبابا  ورجالا ، فمدرسة عقاب مستمرة وعبقة بالطيب والكرم والنخوة ، وان تمترست صورة حسام في ذهني فهو الاقرب روحا لعمه والاكثر ولعا به والاكثر التصاقا وشبها . ذات محاولة لرد الجميل من تلميذ لمعلم رسمته حرفا على شكل بورتريه وكنت خجلا ان اقرأه في حضرته فنشرته وارسلت له الصحيفة مع حسام وبقيت انتظر شهادة الشيخ في مادة حملت عنوانا ، حلاوة الرمان ومطرقه ، فجاء الهاتف بحرا من كرم المقال ومقالا تمنيت ان اكتبه ، فلا احد يجاري حلاوة حرف العم ابو صقر ولا ماء يشبه عذوبته ، كان على شدة وجعه قادرا على احتمال مشاق السعي في الخير واصلاح ذات البين ولا اخال مصالحة يغيب عنها العم عقاب ، لكنه القدر والقضاء يفعل بنا ما أشاء الله له ان يشاء