كيف تضحك شعبا متجهّما؟
على سبيل التسلية الرمضانية تتكاثر البرامج الفكاهية والساخرة، ولا أتابع أيا منها لأني لا أتابع أي شيء في الواقع، لكني على سبيل المساهمة التنظيرية الساذجة أستطيع القول بأن أهم شروط المادة البرامجية الساخرة:
– التشويق: وهو عنصر أساسي في أي مادة ساخرة، ويدفع الناس إلى متابعة هذه البرامج. وهو ما يجعلهم ينتظرون البرنامج القادم بكل شوق، وهذا شرط واجب في أي مادة اعلامية ساخرة، والا لفقدت تميزها عن المواد السياسية الجادة الأخرى التي تستخدم الأسلوب الجاد.
– البساطة : بحيث يفهمها الجميع ، من الخفير حتى الوزير، مرورا بالجميع.
– الصدق الواقعي الفني مع الذات ومع الآخرين، وهذه النقطة ليست بحاجة إلى شرح.
– الموهبة والثقافة والخبرة.
إذا توفرت هذه الشروط تصبح المادة الإعلامية الساخرة مقبولة، لا بل مطلوبة، من الجميع تقريبا، وهنا يبدا تأثيرها، الذي قد لا يكون لحظيا، لكنه يظهر بشكل تراكمي. فهي:
– ترفع مستوى الجرأة لدى الشباب في نقد الواقع، ونقد المسؤولين.
– البرامج الساخرة، تعمل في البداية كمانعة صواعق تريح المواطن و(تفش غلّه)، وتساعده على تحمل الواقع، إلى أن يشتد عوده أو تنشأ قوى مجتمع مدني قادرة على التغيير، فيشارك فيها ليحوّل ما يراه أو يسمعه إلى ممارسة يومية عملية حية.
– البرامج الساخرة السياسية تساهم في عملية تشخيص الأمراض داخل المجتمع عن طريق نقد الذات ، ويأتي بعدها دور الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة في صياغة مشاريع واقعية للخروج من الأزمات.
– السخرية السياسية تحرم الفائز من القوى المسيطرة على مفاصل المجتمع، تحرمه من لذة التمتع بالفوز، لأن الساخر يهزأ منه باسم الناس جميعا.
حتى لو كان بعض البرامج لا يهدف سوى إلى الإضحاك أو أنه تهريجي كما يسمونه على سبيل النقد، فهو أيضا جيد ومفيد حيث من الرائع أن تضحك شعبا دائم التجهم.
الدستور