0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الحكومة تستقيل والرئيس يعلن الطوارئ..!!

 قرّر رئيس جمهورية “هاشستان” الشعبية وهي دولة شرق أوسطية نامية تتكوّن من ثلاثة أقاليم غير مستقلة، وتتمتع بحيّز وافر من الديمقراطية البرلمانية الهوائية، قرّر تشكيل لجنة من كبار العقول السياسية والاقتصادية في الدولة وتكليفها بوضع خطة تنموية طموحة شاملة تنهض بالجمهورية وأقاليمها على كافة الأصعدة، وتُحقق ثلاثة أهداف رئيسة: الأول: صيانة الحريات العامة التي تضمّنها دستور الجمهورية، والتي تآكلت واعتراها الكثير من الغبار والانتقاص واعتداء الحكومات “غير المقصود”، وذلك عبر إعادة بناء البُنى التحتية للحريات الشخصية والعامة، وإعادة إنتاج نماذج “هاشستانية” وطنية جديدة تُحاكي نماذج “عالمية” من واقع الأقاليم الملتهبة المجاورة، وما يستتبع ذلك من إسناد مناصب متقدّمة لشخصيات معارضة كانت ولا تزال لا تُفكّر إلاّ بالنقد وتتبرع بين فينة وأخرى بتقديم نصائح التغيير وعرائض الشكوى لرئيس الدولة..! والهدف الثاني: محاصرة وتقليم براثن الفقر والجهل والمرض بين سكان الأقاليم الثلاثة ولا سيّما الأجزاء المحرومة منها، التي لا تزال توصف بأنها الأشدّ فقراً “جيوب فقر”، ويحلو للكثير من المسؤولين أن يطلقوا عليها في خطاباتهم الموسمية و “الاستعراضية” المناطق الأقل حظّاً، كنوع من التخفيف واللباقة اللفظية، وذلك ضمن مدة سريان الخطة عبر وسائل وأدوات تحفّز على ضخ أموال طائلة مكتنزة في خزائن الأثرياء وتوجيهها للاستثمار الآمن القادر على فتح آفاق واسعة لتوليد فرص عمل مناسبة لأبناء هذه المناطق الذين سيتدفقون من غرف الولادة وينضمون إلى طوابير الباحثين عن العمل بعد عقد ونصف من الآن، إضافة إلى تأميم التعليم العام والعالي ووقف سيطرة رأس المال على ناصية التعليم ووضع حدّ للانتهاكات الواقعة على حقوق المعلّم الهاشستاني، وبناء مشافي عامّة حديثة تستوعب الزيادة السكانية الملفتة وأمواج اللجوء القهري والطوعي القادمة، إضافة إلى شق المزيد من الطرق الرئيسة والفرعية وبناء شبكة سكك حديدية بين الأقاليم والعاصمة لوقف موجات الهجرات العكسية من أطراف الأقاليم البعيد إلى العاصمة بحثاً عن الكلأ والماء..! أما الهدف الثالث فهو العمل على تأصيل سلوكيات عامة من خلال سن تشريعات تعاقب على التقليد والاستنساخ غير المشروع، وتُجّرم استخدام “الفيس بوك” و “التويتر” و “الانستغرام” لغايات استعراض القدرات الاقتصادية ومنتجات المطابخ أو ممارسة القرصنة الذكيّة على أرض الجمهورية وفي مياهها وفضائها، أو ما يحلو لبعض التافهين أن يمارسوه من تعدٍّ على حقوق الآخرين بأسلوب لا أخلاقي، أو الترويج لحملات تسويقية لمنتجات التنشيط السياسي على أرض الجمهورية..!! وما أن فرغت اللجنة الرفيعة من إنجاز مهمتها وأودعت نسخة من تقريرها الممتد على أكثر من خمسماية صفحة في مكتب رئيس الجمهورية، حتى دعا سيادته إلى  مؤتمر وطني كبير جمع إليه خيرة العقول والخبرات الاقتصادية والسياسية والأمنية وعلماء النفس والاجتماع وقادة الأحزاب المرخّصة وغير المرخّصة لمناقشة الخطة، ولم يخفِ إعجابه بها، كما لم يُخفِ رئيس حكومته في خطاب إعلان الخطّة امتعاضه “ضمنياً” من إغفال الخطّة لبرنامج حكومته الإصلاحي الذي كان قد أعلنه بعد أيام من تكليفه “الديمقراطي” بتشكيل حكومة “إصلاح” وطني، وفي الحالتين انتصب عدد من الشخصيات “الوازنة” المشاركة في المؤتمر وعبّروا عن رأيهم وإعجابهم الكبير بالخطة.. وأنّها المؤهّلة لإنقاذ البلاد والعباد، وإعادة ترسيم العلاقة الدستورية بين السلطات والشعب، وفيما بين الشعب ذاته أيضاً، لكنّ الرئيس ألْمح في مداخلة عاجلة إلى أن الخطّة ينقصها الوضوح، وطلب من رؤساء البلديات المركزية في الأقاليم الثلاثة وضع تصور شمولي للتنفيذ يختلف عن التصور المقترح، وأن تشتمل الخطة على وسائل خاصة بالترشيد الإنفاقي، وأخرى خاصة بالتدبير الإنفاقي لا تؤثر على قدرة الرئيس على صناعة الأعوان، وتدجين المعارضين، إضافة إلى وضع أولويات لتحفيز روح الانتماء الوطني الهاشستاني “غير الإقليمي”، وتحديد معايير الفقر في الجمهورية وإعادة تعريف جيوبه وضبط المناطق الأشدّ فقراً، مع تقديم مقترحات عملية وعلمية لمعالجة النزف في شبكات التواصل الاجتماعي وامتصاص جزء من الطاقة السياسية لدى الشباب، وتقليص ساعات تعاطيهم للفيس بوك والتويتر، ومعالجة النزف الحاصل في شبكة الأمان الاجتماعي والتشغيل والمشاعر الوطنية، وطالب البلديات بأن تضع ضمن أولوياتها إنجاز ساحات عامة واسعة لممارسة “طقوس” الحريات الشخصية والنقد واستعراض قدرات الأفراد الخطابية، والتعبير عن حالة النزق والقلق والأرق التي تعيشها شرائح مجتمعية هاشستانية مهمّشة، بعيداً عن تدخل وزارة الداخلية، وكذلك تشجيع إقامة موائد سياسية على شرف رؤساء حكومات أسهموا عبر مراحل سابقة في خلق حالة رماديّة في المجتمع..! كما طالب الحكومة باستحداث وزارة للتشغيل والتأهيل، وأخرى للشفافية وحقوق الإنسان، وثالثة للحماية الاجتماعية، ورابعة لضبط نبض الشعب، وخامسة للتنمية الوطنية وإدارة الأزمات، واختيار شخصيات شعبية من الطابق السفلي على رؤوس هذه الوزارات، وإنشاء صندوق وطني ضخم لمكافحة البطالة وتوجيه جهوده ومشاريعه للمناطق الأقل حظّاً، وصندوق وطني آخر للطبابة والرعاية الصحية وتنظيم النسل لفائدة الطبقتين الفقيرة والمتوسطة في المجتمع، وإنشاء هيئة وطنية للقمح “البلدي” تكون بديلاً عن وزارة الزراعة وخَلَفَاً شرعياً لها، كما طالب بوضع حلول عاجلة لتوزيع عبء المديونية المتفاقمة الناجمة بالمقام الأول عن سلوك استرضائي دَرَجَت حكومات الجمهورية التي كانت تُشكّل على أساس عشائري وأقلّي على انتهاجه، وعن تحوّل قسم من السكان إلى ممارسة أعمال قرصنة وتهريب، إضافة، وهو الأهم، لبروز ظاهرة الاستغلال الوظيفي ولجوء بعض كبار مسؤولي الأقاليم الثلاثة إلى عقد صفقات مشبوهة لجني أرباح طائلة غير مشروعة على حساب المصالح العليا للجمهورية..!! كما طلب من رئيس الحكومة إلغاء منصب الناطق الرسمي باسمها فوراً، وإعطاء الحرية لكل مسؤول للتصريح عن أعماله ومشروعاته بمنتهى الحريّة والشفافية وبالطريقة التي يراها مناسبة، حتى لو اضطُرّت الحكومة لعقد ثلاثين مؤتمراً صحفياً في يوم واحد، وأن يُترَك لوسائل الإعلام الحرّة أن تحكم وأن تلتقط أي تناقضات بين التصريحات..! وطلب من البرلمان الهاشستاني الشروع فوراً بوضع إطار لتعديلات دستورية طارئة تعيد ترسيم العلاقة بين سلطات الدولة بما يحقق إعطاء ممثلي الشعب أولوية بروتوكولية وتنظيمية وسياسية، وتضع قاعدة لقانون انتخاب حيوي يضمن عدم ضياع حق الناخب عشائرياً أو إقليمياً، ويكفّ يد الحكومة عن التدخّل، وعن تعيين رئيس سلطة الانتخاب.     تفاجأ رئيس حكومة “هاشستان” من قرارات الرئيس وتوجّهاته وخطّته، واصفاً إياها بالراديكاليّة، وعاد مسرعاً إلى مكتبه داعياً لاجتماع طارىء لمجلس الوزراء، قدّم خلاله أسباباً موجبة للاعتذار لرئيس الجمهورية لاستحالة تنفيذ الخطة في الظروف الراهنة وعجز الحكومة عن استيعاب متطلبات المرحلة الراديكالية الجديدة، فيما أعلن الرئيس قبول استقالة الحكومة وحلّ البرلمان وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وتكليف شخصيّة هاشستانية معارضة بتشكيل حكومة انتقالية..