صادرات الأردن للعراق عبر «داعش» وبعدها !
وراء ال 6 الآف شاحنة أردنية العالقة في العراق قصة طريفة لكنها مؤلمة.
طريفة لأن الاردن لم يعتد عليها في علاقاته التجارية مع الدول وعبرها، ومؤلمة لأنها تلخص ما يسمى بتجارة الطوائف، فثمة معيقات جديدة غير الرسوم والطرق وجودة السلع والتكلفة وحتى الحالة الأمنية، إنه الواقع الطائفي الجديد الذي أنجبه الصراع الدائر في العراق.
تجاوز المصدر الأردني المعيقات الأمنية عندما كان يتم الإعتداء على الشاحنات ذات اللوحات الأردنية بنظام «back to back« الذي يسمح بنقل حمولة الشاحنة الأردنية على الحدود الى أخرى عراقية، هذا الوضع مضى بسلام لكنه لم يعد كذلك فقبل داعش شيء وبعدها شيء أخر.
فرض تنظيم داعش رسما على الشاحنات لقاء مرورها عبر الأراضي التي يسيطر عليها، وبالرغم من أن مثل هذا الرسم ليس شرعيا، فقد كان مقبولا من الحكومة الرسمية في العراق، حتى أن مرور الشاحنات عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة لم يكن ممكنا في بعض الأحيان دون إبراز السائق لوصل قبض داعش للرسم، ومرة أخرى مضت هذه الألية بسلام حتى ما قبل نشوب المعارك بين التنظيم والجيش والمليشيات الشيعية التابعة فتغيرت الأحوال لكن الى ما هو أسوأ.
في العراق يبدو أن الطائفية لم تنسحب على الإصطفاف في المعارك فقط، إذ سرعان ما لحقت التجارة، فلا يمر عبر أراضي داعش الا سائق سني ولا يمر عبر أراضي تسيطر عليها المليشيات والجيش الا سائق شيعي، وهو ما يفسر تبديل السواقين بين الرمادي والمناطق القريبة من كربلاء ’ بل أن دفع الرسوم الإجباري ل « داعش» أصبح سببا لمنع مرور الشاحنات المحملة بالبضائع الأردنية وهذه هي قصة الشاحنات العالقة بالقرب من مناطق سيطرة الجيش والمليشيات العراقية الشيعية.
الحكومة لديها علم بتفاصيل الوقائع الجديدة، لكن ماذا عساها أن تفعل ؟.
بوسعها أن تفعل الكثير باعتبار أن الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي هو مصلحة مشتركة، ولا يمكن فصل التنسيق في هذا الخصوص مع ضمان إنسياب التجارة دون تعقيدات فنية أو سياسية أو طائفية، بل على العكس هو دافع للرد على المساندة الأردنية للعراق في هذه المسألة بما هو أفضل منه على الأقل قريبا من تلك التي يتم التعامل بها مع صادرات دول أخرى مثل إيران وتركيا.