عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

خزانة الذاكرة..

اكتظاظ في محطة المغادرين، يسلمون أرواحهم ويرحلون، وثمة طابور غير مرئي يقف فيه كلٌّ منا، ولا ندري متى سنكون «الزبون» القادم ومتى لا نكون..
**
من كنا نألفهم في صغرنا كجزء من توليفة حياتنا صاروا يتساقطون مثل أكواز الصنوبر اليابسة.. أنا لا أقصد المقربين فقط، وإنما كل من أسهموا في تعليق وجوههم وأصواتهم في خزانة ذاكرتنا من أصدقاء ومدرسين ومطربين وممثلين، وكل من كان له حيز ولو صغيراً في التفصيل اليومي..
الأسبوع الماضي رحل الفنان المصري الكبير حسن مصطفى.. وقد تعوّدت أجيال كثيرة على نبرة صوته وحركة رأسه الكوميدية ونظاراته السميكة، كان يعطر صوته ليالي الصيف الطويلة عندما نشاهد «العيال كبرت» من تلفزيوننا الخشبي القديم، رحل ملتحقاً بولديه النجمين سعيد صالح وأحمد زكي.. وعلى ما يبدو أن «العيال رحلت» ورحلت معها البساطة والكوميديا العميقة والناس الذين يشبهوننا في نزقنا وفرحنا، في فقرنا وشقائنا..
سنة الحياة أن الأشياء الجميلة تتناقص وتختفي مع تغيّر طعم العمر، وسنة الحياة أن العمالقة لا يورثون مكانهم إلا نتوءات تائهة وغير مرئية.. فأنا لا أذكر آخر مسرحية حقيقية أضحكتني وعلقت عباراتها بذاكرتي.. مازلنا نردد صور ومقاطع ومشاهد الأعمال القديمة، تُرى لِمَ لم نعد نضحك من القلب كما كنا؟ ربما لأن النكتة صارت تخرج من «الجيب» لا من القلب..
الأمر لم يعد مقصوراً على الفن فقط، أشتاق أن أرى هدّافاً يسجّل ليمتع جمهوره، لا ليحصل على عقد احترافي أفضل، أشتاق إلى أن أسمع صوت معلّم يردد أبيات النشيد في أطراف الحصة السادسة دون ملل أو هروب مبكر، أشتاق إلى أن أسمع وردة في نهارات الصيف تغني «وحشتوني» من الشرفات العالية، أشتاق «للطرحة» الملونة التي كانت تضعها الممثلات المصريات في مسلسلات الريف، أشتاق لسماع أغنية المسلسل الكرتوني «فلونة» لأتلمس شعري المبلل قبل صلاة الجمعة، أشتاق إلى أن أرى أغنية «تبسم للنبي» لعفاف راضي كأحدث «فيديو كليب» تبثه القناة الأولى قبل ختام البث بدقائق.. سأتوقف عن التعداد فقد أفقدنا «زكام» العمر طعم الأشياء الجميلة.