اليد اليسرى

قلت لصاحبي أمس , عن رجل كان يجلس في المقهى :- (هذا الرجل يعمل سائق تريلا) …لم يصدقني , صاحبي …وسألنا أحد الأشخاص الذين يعرفونه فأخبرنا بأنه بالفعل سائق تريلا …. ويعتز بذلك .
حين غادرنا المقهى سألني صاحبي :- كيف عرفت مهنته دون أن تٍسأله , أجبته أن الأمر سهل جدا ولا يحتمل التعقيد , أنظر إلى يديه ..ستكتشف أن اليد اليمنى بيضاء تماما , وأن اليد اليسرى سمراء …ستكتشف أيضا أن هنالك إختلافا واضحا في اللون , والسبب بالطبع هو (التريلا ), فالسائق غالبا ما يضع يده اليسرى على النافذة أثناء القيادة وبالتالي تتعرض للشمس واليد اليمني تكون على المقود مختبأة تحت الظل …ومع الزمن وطول المسافات , تتغير ألوان اليدين …
قلت لصاحبي أيضا , بالمقابل تستطيع أن تعرف , طبقة كبار رجال الأعمال والسياسيين ..من نفس المقارنة , ولكن الإختلاف هو أن اليد اليمنى سمراء أكثر من اليد اليسرى ..بعكس (شفيرية التريلات) …السبب بسيط فهم لايقودون بأنفسهم , وبالضرورة أن يكون معهم سائق وبالتالي يجلسون في الجهة اليمنى من السيارة ..ويدهم اليمنى هي التي تتعرض للشمس , وبما أنهم يسيرون كثيرا على طريق المطار …ويذهبون كثيرا للعقبة من أجل الإستجمام , يظهر السمار واضحا على اليد اليمنى أكثر …وتكون اليسرى مخبأة تحت الظل وعرضة (للكونديشن) أكثر .
ثم أكملت لصاحبي , هناك فئة ثالثة في الأردن , وتتميز بأن اليد اليمنى سمراء واليسرى أيضا , لدرجة أنك تلمح فيهما إهتراء الجلد , ولدغات الشمس , وتلمح خشونتها هؤلاء هم العسكر , فالسيارات التي يمتطونها مكشوفة والشمس لا تميز بين يد وأخرى , ناهيك عن أن البندقية التي يحملها في الوظيفة , تحتاج لكلتا يديه , والأماكن التي يخدمون فيها إما …(خو) وإما القطرانه , وأحيانا في البادية الجنوبية ..وأماكن تدريبهم هي الصحارى اللاهبة .
بعد ذلك سألني صاحبي , وأنت من أي صنف ؟ …شمرت عن ساعدي وقلت له أنظر يا رفيق ..اليمنى سمراء واليسرى أيضا سمراء…في بلادنا حتى تكون جنديا فليس بالضرورة أن ترتدي زي الجيش ….فأنا أكتب من سيارة عسكرية مكشوفة , وأسرق حروفي من رمل الراجف , أو شمس القطرانه , أو زمن (خو) ….عاشت (خو)