0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

لأبنائنا وأحفادنا: في ذكرى الاستقلال

المفترض أنه معروفٌ أن فقدان الضفة الغربية, بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية, كان أهم وأخطر ضربة وجهت إليها منذ إنشائها ككيان في بدايات عشرينات القرن الماضي وحقيقة ونحن نعيش في هذه الأيام الذكرى التاسعة والستين للاستقلال (عام 1946) فإنه, من أجل أبنائنا وأحفادنا وأجيالنا الصاعدة, علينا أن نكرر السؤال الذي كنا طرحناه آلاف المرات وهو: هل كنَّا مضطرين وملزمين يا ترى أنْ نزُجَّ بالأردن في تلك الحرب التي كنا نعرف, وبالتأكيد, أنها حرب خاسرة وإننا سنفقد النصف العزيز من مملكتنا مسبقاً سنفقد القدس عاصمتنا الثانية وزهرة مدننا العربية والإسلامية ؟!
 كان الجيش المصري الذي كان ولا يزال يشكل العمود الفقري للجيوش العربية في غاية الإنهاك فقد كان قد خرج من اليمن «مهزوماً» ومدمراً وكان قبل ذلك وقبل سنوات قليلة فقط قد خرج من سوريا فاقداً لنصف الجمهورية العربية المتحدة وكل هذا بينما كانت قياداته العسكرية العليا غارقة في الفساد والتناحر والترهل وهذا ما ثبت لاحقاً قبل نحرْ أو انتحار المشير عبد الحكيم عامر أو بعد ذلك . 
 وبالطبع فإن المعروف أن الجيش السوري كان في وضع أسوأ كثيراً من وضع الجيش المصري فالانقلابات العسكرية المتلاحقة, منذ انقلاب حسني الزعيم عام 1949 وحتى انقلاب عام 1963 الذي حمل اسم ثورة الثامن من آذار (مارس) كانت قد مزقته تمزيقاً وكان وزير الدفاع الذي هو حافظ الأسد لا ينهمك في الإعداد لمواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين وإنما في التحضير لانقلاب عام 1970 الذي سماه: «الحركة التصحيحية» وأيضاً وكل هذا وبينما القيادة السياسية كانت مستنزفة في الصراعات الداخلية وكان القرار قد خرج من يدها عملياً بصورة نهائية . 
 ثم وإن ما يعرفه الذين عاشوا تلك المرحلة سياسياً هو أن، الجيش العراقي الذي شارك في حرب عام 1948 والذي حال دون احتلال إسرائيل لمنطقة جنين لم تكن حاله أفضل من حال لا الجيش المصري ولا الجيش السوري فهو بعد انقلاب عبد الكريم قاسم قد أُدخل في سلسلة انقلابات عسكرية دموية أفقدته خيرة قياداته وأفضل ضباطه وحولته إلى «ميليشيات» حزبية متقاتلة ومتصارعة إلى أن جاء انقلاب البعثيين في عام 1968 الذي ترتبت عليه كل التطورات العراقية اللاحقة التي أوصلت هذا البلد العظيم إلى هذه الأوضاع المزرية التي هو عليها الآن . 
 وهكذا فقد كان راحلنا الكبير الحسين العظيم, رحمه الله, يعرف أن الإسرائيليين, في ظل الظروف العربية المزرية والمتهاوية, قد استكملوا استعداداتهم عسكرياً وسياسياً لاحتلال الضفة الغربية واحتلال هضبة الجولان واحتلال غزة وسيناء حتى قناة السويس وهو كان يعرف أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ذاهب إلى الحرب لا محالة تحت ضغط «المزايدين» وتحت ضغط الشارع العربي الذي صدَّق حكاية: «الظافر والقاهر» وصدَّق صراخ «صوت العرب» بإلقاء إسرائيل في البحر و»تجوَّع يا سمك» !!
 لقد كان الخيار في غاية الصعوبة فهناك حالة أردنية تعيش وضعاً ثورياً بعد نحو عامين من انطلاق المقاومة الفلسطينية وبروز ظاهرة الكفاح المسلح وهناك ضغط مصري وسوري و ضغط رأي عام عربي ينظر إلى الأردن مسبقاً بعيون إتهامية وهناك المعرفة الأكيدة بواقع الحال وبمعادلة موازين بين الإسرائيليين والعرب وبأن الخضوع للابتزاز وركوب أمواج المغامرة سيكلف المملكة الأردنية الهاشمية الكثير وسيكون أقل ثمن سيدفعه هذا البلد هو فقدان الضفة الغربية كلها.. حتى نهر الأردن.. وربما حتى عمان!! 
 وإزاء هذا كله, وبينما كان الزمن يمضي بسرعة الضوء نحو اندلاع الحرب المنتظرة التي كان الإسرائيليون يدفعون الأمور نحو انفجارها دفعاً, فقد كان هناك رأيان في القيادة الأردنية العليا: رأيٌ يقول أنه علينا أن ننأى بأنفسنا وببلدنا عن هذه الحرب التي سيخسرها العرب والتي سنخسر فيها الضفة الغربية والقدس بينما يوافق الرأي الآخر الرأي الأول لكنه يؤكد إن المشاركة ستجعلنا فعلاً نخسر الضفة الغربية بينما عدم المشاركة ستجعلنا نخسر الضفة الغربية وأيضاً الضفة الشرقية.. وهكذا فإنه لم يكن أمام الأردن أي خيار إلَّا خيار المشاركة فكان أن دفعنا الثمن غالياً مثلنا مثل أشقائنا في مصر وسوريا.. إن هذا درسٌ لإبنائنا وأحفادنا في الذكرى الـ 69 للاستقلال.. كل عامٍ وأردننا بخير .