الزمن لم يعد من جنود «إسرائيل»!
للمرة الأولى منذ سبعة وستين سنة، هي عمر كيان العدو الصهيوني في فلسطين، لم يعد الزمن يعمل لصالحهم، وهنا تحديدا نحتاج إلى وقفة تأمل في مدى ما حققه العدو من «نصر» على الأرض، وما «خسره» مما يخص «مكانة» كيانه في العالم. عمليا، الاحتلال يسيطر على كل شيء في فلسطين التاريخية، الأرض، والمياه، السماء، والحدود، «العدالة» العنصرية في المحاكم، أموال الضرائب التي يجمعها من التجار الفلسطينيين ويمنحها أو يمنعها عن السلطة في رام الله، تنقلات رجال الـ «في أي بي» بمن فيهم رئيس السلطة، هو يسيطر تقريبا على كل شيء، فقد وضع الفلسطيني في «قفص» من الفولاذ، وحدد حركته، وأنفاسه، وتنقله، هو يمسك بكل مفاصل الحياة، احتل كل شيء، بلا استثناء، لكنه لم يحتل العقل الفلسطيني، والقلب النابض برفض الاحتلال، لهذا، لم يزل يفكر في طريقة سحرية لإكمال مخططه الجهنمي، ولكنه لا ينجح، والكلام هنا قد يحتاج إلى «دليل» ملموس، ولكن تلك حقيقية كبرى لا تخطئها العين، فالمشكلة الكبرى التي يواجهها هذا المحتل، أن الفلسطيني المخذول من قيادته، وأمته، وربما من الإنسانية جمعاء، ليس بوسعه ألا يكون إلا فلسطينيا، يحمل اسم الأرض، ولونها، ورائحتها، فقط بمجرد وجوده على أرضه، وتلك معضلة الاحتلال الكبرى، فالأرض التي احتلها غرباء، تلونت بهم، فقط لأنهم تمكنوا من «إبادة» السكان الأصليين، أو لأن هؤلاء الغرباء «أذابوا» سكانها، فغدوا بلا لون، أما فلسطين، فشيء آخر، فرغم كل عمليات «التهويد» والترحيل، بقي في فلسطين من يحمل اسمها، ولم تتحول إلى «إسرائيل» حتى ولو وُضع هذا الاسم على خرائط غوغل، لكنه لم يوضع في قلوب أبناء الأرض! في «الخارج» أيضا، لم تعد «إسرائيل» ضحية، لسكان يهود فروا من ظلم أوروبا والعالم، ولجأوا إلى «ملاذ» يحميهم من الاضطهاد، ,والفلسطيني لم يعد ذلك الإرهابي، الذي يبحث عن طريقة لقتل أطفال اليهود، كانت هذه الكذبة ممكنة قبل بضعة عقود، أو سنوات، «إسرائيل» الآن دولة أبرتهايد، دولة فصل عنصري، وأسوار، وقمع، و»يمين» قومي مجنون مهووس بالرغبة بقيادة «المركبة» بجنون إلى اللامكان، دون حساب لشيء، وكأن هذا اليمين موجود على سطح كرة أرضية لا يوجد غيره عليها! قرار فصل الفلسطينيين عن اليهود في ركوب الحافلات الذي اتخذه وزير حربهم، لم يصمد إلا ساعتين، وسارع رئيس حكومتهم لـ «تجميده!» فهو عنوان غير قابل للتأويل لدولة فصل عنصري: صورة أخرى عن جنوب أفريقيا، ونظامها البائد! الزمن لم يعد من «جنود» إسرائيل، كما كان على الدوام، إن الكائن المسلح بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، برا وجوا وبحرا، لا يستطيع أن يقاوم هجمة من جحافل النمل، فهو لا يستطيع أن يقتل نملة بقذيفة مدفع!