تهوين مكلف الثمن
ماهر أبو طير
حيثما وليت وجهك، تجد مصابا بكورونا، والنسبة الرسمية المعلنة للإصابات مرتفعة، وتقترب وتبتعد قليلا، من الثلاثين بالمائة، ولو صدقت النسبة كمؤشر فإن بيننا ثلاثة ملايين مصاب.
هذا مجرد تقدير غير علمي للرقم، بل ربما يقول بعض المختصين إن النسبة الحقيقية أعلى من ذلك بكثير، وما من بيت في الأردن، إلا فيه شخص مصاب بأعراض كورونا، من الرشح، إلى الصوت الخشن، مرورا بالصداع، ونسبة الذين يفحصون منخفضة، وكأننا استسلمنا جميعا لهذا الواقع، خصوصا، مع اكتشاف الناس، أن متحور كورونا الحالي، أقل خطرا، فتجد من هو مصاب ويذهب إلى عمله، ولا يفحص، ولا يريد أن يفحص، فيما الوباء يتمدد كما السيل.
يفتي الأطباء بما لا نعرف، غير أننا أمام مواسم توجب إجابات حصرية، ومن بينها دوام المدارس المؤجل الى العشرين من شباط، والذي قد يؤجل أيضا لبضعة أيام، وقد يعود الى شكله الطبيعي وقد لا يعود، وهذا بحاجة الى حسم طبي، حتى تتحمل الجهات المختصة مسؤوليتها، وهناك الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات، نهايات آذار، والكلام هنا عن اشتراطات لا تختلف عن اشتراطات الانتخابات النيابية، مع معرفتنا مسبقا، بكون هذه مواسم تجمعات، واحتفالات على طريقة الفوز بعد الانتخابات النيابية السابقة، حيث تبادل مئات الآلاف التهاني، حضناً وتقبيلا.
العنصر الأهم هنا، يتعلق بوجود انطباع عام حول ان النسخة الجديدة من كوورنا، تشابه الرشح وليست مؤذية جدا، وهناك عدم انتباه شعبي، حول أهمية المطاعيم، وان هناك فرقا بين مقاومة الجسم الحاصل على اللقاحات، والجسم الذي لم يحصل عليها، وإذا سألت كثيرين ممن أصيبوا هذه الأيام، يقول لك أغلبهم إن الأعراض شبيهة بالرشح، وتسبب الوهن العام في الجسم، وبعضهم لا يحجر نفسه، فتصاب كل العائلة، مرة واحدة، دون ان يرف لهم جفن.
القلق يكمن في أمر واحد بشكل رئيسي، أي التهاون إزاء الموجة الحالية، من جانب الناس، والابتعاد عن تلقي المطاعيم، او الجرعة الثالثة المعززة، خصوصا، أن احتمالات خروج متحورات جديدة، امر ممكن، وهذا يعني فعليا أن التهاون مكلف وخطير، من جانب الناس، ولا يجوز تحت أي تبرير، أو حتى المقارنة بنوبات الإنفلونزا العادية، او الرشح، فهذه انطباعات غير علمية، حتى لو قيل لنا إن نسب الإدخال الى المستشفيات ما تزال منخفضة جدا، وإننا في موقع جيد.
هناك دول في العالم فرضت الجرعة الثالثة من اللقاحات، ودول لم تفرضها لكن منعت من لم يحصل عليها من الدخول إلى أي مجمع تجاري أو حفل، وهذا يعني أن الاكتفاء بجرعتين للدخول الى المواقع العامة في الأردن، يجب أن يتغير، مثلما أن اشتراط ثلاث جرعات للمشاركة في الانتخابات المقبلة يجب أن يعلن من الآن، فلا ينقصنا أي تدهور في الوضع الصحي، خصوصا، ان التجاوب الشعبي منخفض، وقد أرهق الناس، من كل هذه القصة وتأثيراتها عليهم.
برغم تقديرات المختصين حول الموجات وذروتها، إلا أنه لا يتوقع أن تنخفض حدة الإصابات، والسبب في ذلك احتمالات العودة الى المدارس في شباط أو آذار، وموسم الانتخابات بما يعنيه على صعيد تحركات المرشحين وكل النشاطات المعروفة في شهر آذار، ثم بعد هذين الموسمين ندخل في شهر نيسان في رمضان، والتجمعات العائلية التي تحدث فيه.
نحن أمام قصة لا تنتهي، إلا باكتشاف دواء حصري لهذا المرض، أو بمواصلة الإجراءات الاحترازية التي لا بد أن يبقى الحظر بكل أشكاله مستثنيا منها، بعد أن ثبت أن الحظر ليس حلا، وأن كل دول العالم، دفعت الثمن اقتصاديا، بسبب أنماط الحظر الجزئي والكلي.
التحذير الذي يجب أن يقال يتعلق بتهوين الناس، من كورونا، وطبيعة الإصابات الجديدة، فهذا التهوين سيؤدي الى انتشار الوباء بشكل أكبر، خلال الفترة المقبلة، بكل ما فيها من مواسم.
وكالة الناس – الغد