0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

انقلابات الإخوان المسلمين «6» شُبهة

تحدثنا في مقال سابق عن التناقض الكبير الى درجة البينونة الكبرى، بين مواقف سائر تنظيمات الاخوان المسلمين في العالم، ومواقف الانقلابيين الذين خطفوا الجماعة في الاردن من قضية الوطن والانتماء الوطني، والدفاع عن استقلالية القرار الوطني، ففي الوقت الذي تمسكت فيه كل تنظيمات الاخوان المسلمين في سائر الاقطار باستقلال قرارها، واعطاء قضايا أوطانها الأولوية في انشطتها وجهودها، ومن ثم تقديم هذه القضايا على ما سواها، حتى لو اضطرها الأمر الى ادارة الظهر للجماعة الأم، او للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، بل والانفصال عنه كما رأينا في الحالة الكويتية وغيرها، كانت مجموعة التنظيم السري للاخوان المسلمين في الاردن على النقيض من ذلك كله، فقد واصلت التنكر للاردن كوطن، ومن ثم التحريض على الدولة الاردنية والسعي لزعزعة الثقة بها، فربّت في العقود الاخيرة اجيالا من شباب الاخوان تملك نظرة عدائية للدولة الاردنية، رأينا بعض تجلياتها في استعراضات وهتافات هؤلاء في عمان وغيرها من ربوع الاردن اثناء ما سمي بالربيع العربي، خاصة في اعتصام 24 آذار، وما تلاه من استعراضات أخذت طابعا عسكرياً.
إن من عجائب موقف رموز مجموعة التنظيم السري الذي صار يتحكم بجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، انهم كانوا يصرون على التماهي والذوبان في موقف الاخوان المسلمين في مصر بكل شيء، الا بالموقف من الوطن والوطنية، فقد دفعهم تنكرهم للاردن كوطن وكدولة الى الانقلاب على مفهوم مؤسس الجماعة الاستاذ حسن البنا للوطنية، وعلى موقف الاخوان المصريين من الوطنية المصرية، وتقديمهم للأولويات المصرية على كل ما سواها، ومن ثم الحفاظ على الخصوصية المصرية. ولعل اوضح تجليات هذا الفهم للاخوان المسلمين المصريين مبادرة الاصلاح السياسي التي تقدموا بها لمعالجة الأوضاع في مصر، فكل من يقرأ هذه المبادرة سيجد انها لا تزيد عن كونها برنامجاً سياسياً قطرياً مصرياً، بل ان هذه المبادرة لم تكن سوى البرنامج الانتخابي الذي خاض على اساسه الاخوان المسلمون في مصر انتخابات مجلس الشعب المصري عام 2000، واكثر من ذلك هو إقدام الجماعة على حذف كل ما يتعلق بقضايا الأمة خارج مصر من المبادرة، واول هذه القضايا التي حذفت قضيتا فلسطين والعراق، حيث كان الاخوان المسلمون جزءاً من السيناريو الامريكي الذي طبق في العراق من خلال بريمر، عندما شاركوا في مجلس الحكم المحلي الذي شكله بريمر ليحكم قبضته على العراق.
وامعاناً في الحفاظ على الخصوصية المصرية لم يتردد المرشد العام للجماعة مأمون الهضيبي من المباشرة في اتخاذ خطوات عملية لإضعاف التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، استكمالاً لما سبق وان قام به في اطار جهوده لإضعاف هذا التنظيم، عندما قام بأخذ البيعة لمصطفى مشهور مرشداً خامساً للجماعة خلفاً لحامد ابو النصر اثناء مراسم دفن «ابو النصر»، فيما عُرف ببيعة المقابر، كل ذلك لحرمان التنظيم الدولي من حقه في اختيار المرشد العام للجماعة، دفاعا عن ما يراه الاخوان المصريون حقا حصريا لمصر في اختيار المرشد العام للجماعة، وسعيهم لقطع الطريق على محاولات اختيار مرشد عام غير مصري، في اطار تركيزهم واصرارهم على القضايا المصرية الداخلية وابراز الوطنية المصرية وخصوصيتها.
وهذا الموقف المصري من التنظيم الدولي للاخوان المسلمين، واصرار اخوان مصر على تقديم الاولويات الوطنية المصرية على كل ما سواها، أكده الباحث المصري الخارج من عباءة الاخوان المسلمين حسام تمام، فقد كتب تمام على ضوء ما سمعه من قيادات الاخوان وفي مقدمتهم مأمون الهضيبي وفي ضوء ما تابعه من وقائع على الارض ما يلي: (التطورات المتسارعة في الجماعة والمنطقة والعالم عموما، تؤكد أن تصفية التنظيم الدولي للاخوان لن تجد معارضة معتبرة من الداخل او الخارج، حتى من اشد المؤمنين به، فالقيادات المصرية ستجد في ذلك دعما لاستراتيجيتها غير المعلنة في التركيز على دور سياسي داخلي اكبر، كما انه حل يريحها من التضارب الواضح بين اللائحة المنظمة للجماعة والواقع الفعلي الذي تعيشه على الأقل في مسألة اختيار المرشد. فهو يختار معه ثمانية أعضاء من نفس البلد، اضافة الى خمسة آخرين يمثلون الأقاليم المختلفة.. في حين أن الواقع يقول: إن قيادة الجماعة كلها مقصورة على مصر، ولا وجود لاي عنصر من خارجها، كما ان اللائحة تقبل ضمنا بمبدأ نقل قيادة الجماعة خارج مصر في حال اختيار مرشد غير مصري، وهو ما لن تسمح به القيادة المصرية بأية حال، بغض النظر عن شخصية المرشد).
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: اذا كان الاخوان المسلمون في الاردن يعتبرون انفسهم جزءاً من تنظيم القاهرة ويرجعون اليه في كل شؤونهم، كما تقول وثائقهم التي استعرضنا بعضها في مقالات سابقة، بل ويعتبون اذا لم تأتهم تعليمات من القاهرة، فلماذا يخالفون القاهرة وتعليماتها عندما يتعلق الأمر بمفهوم الوطنية والانتماء للوطن، ألا يثير ذلك شكاً وشبهاتٍ بأن هناك إصرارًا على إبعاد شباب الاخوان عن الانتماء للاردن كوطن، ونقلهم الى مفاهيم مغلوطة عن العالمية؟!