أبشر بطول سلامة!
اذا كانت الولايات المتحدة جادة في انها ستتصدى لتنظيم «داعش» والقضاء عليه بالمئات من السوريين الذين اعلنت انها ستدربهم فيجب القول لها «أبْشر بطول سلامة يا مربع» فهذا التنظيم الذي يحتل جزءاً كبيراً من العراق ومن سورية والذي فشل القصف الجوي المتواصل منذ نحو عامين في التأثير جدياً على قدراته وعلى مواصلة احتلاله لبعض المناطق العراقية، والمناطق السورية، لا يمكن مواجهته بالاعداد التي تم الاعلان عنها من قبل الاميركيين ومن قبل بعض الدول الاخرى عربية وغير عربية.
كل محاولات الجيش العراقي لمواجهة هذا التنظيم في «الانبار» وفي مناطق عراقية اخرى قد باءت بالفشل، والسبب ان ايران و»الميليشيات» التابعة لها لا تريد القضاء على «داعش» لأن وجودها يبرر الوجود الايراني بكل اشكاله بما فيه الوجود العسكري في بلاد الرافدين ويبرر تدخل طهران السافر في الشؤون الداخلية العراقية ويبرر تفوق الـ «حشد الشعبي» و»قوات بدر» على جيش العراق الذي لا يمكن تصديق انه عجز فعلاً عن تحقيق اي انجاز في محافظة «الانبار» التي من المعروف انها محافظة «سُنيّة» خالصة.
ثم والمؤكد ان الاميركيين ومعهم كل دول هذه المنطقة يعرفون ان نظام بشار الاسد يضع «داعش» في بؤبؤ العين وانه هو الذي تخلى له عن مدينة «الرقة» وانه ايضاً هو من جاء به الى منطقة «حماة» والى مخيم اليرموك الفلسطيني والى الـ «قلمون» وكل هذا من اجل تمرير كذبة انه، اي هذا النظام، يواجه ارهابيين وليس «ثواراً» من ابناء الشعب السوري، وهنا فان ما يبعث على المزيد من الشكوك ويعززها ان الولايات المتحدة ومعها العديد من الدول تعرف تمام المعرفة هذه الكذبة المكشوفة منذ الشهور الاولى لانطلاق الثورة في عام 2011.
اذن وما دام ان هذا هو واقع الحال فهل ان الولايات المتحدة ومعها بعض دول هذه المنطقة تصدق انها قادرة على القضاء على «داعش» ببضع مئات من «المتدربين» حتى وإن اصبح كل واحد منهم بقوة «طرزان» او بقوة «غراندايزر».. إنّ هذا عبارة عن بيع اوهام لا يمكن تمريرها لا على الشعب السوري ولا على المعارضة السورية وايضاً ولا على كل من يعنيه الحفاظ على وحدة هذه الدولة العربية وتماسك مكوناتها الاجتماعية.
ولذلك، واذا كان الاميركيون، والمقصود هو الادارة الاميركية، صادقون في انهم لا يعتبرون ان نظام بشار الاسد لم يعد له اي دور لا في حاضر سورية ولا في مستقبلها، فان عليهم ان يواجهوا الحقائق مباشرة وان عليهم ان يستبدلوا حكاية تدريب المئات هذه بتزويد المعارضة السورية بالأسلحة الفعالة التي باتت تحتاجها انْ ليس لحسم المعركة نهائياً فلإجبار هذا النظام على الالتزام بـ «جنيف 1» ولحمله مرغماً على القبول بحل المرحلة الانتقالية.
وايضاً اذا اراد الاميركيون القضاء فعلاً على «داعش» فان عليهم ان يكونوا اكثر «جدية» في اضعاف النفوذ الايراني في العراق وفي سورية وفي لبنان وفي انهائه في اليمن.. اما «كذبة» تدريب بضع مئات للقضاء على هذا التنظيم الارهابي، الذي ثبت ان لديه قدرة وامكانيات دولة فعلية، فانها لم تنطلِ على اي كان.. إن المطلوب هو دعم فعليٌّ وحقيقي لقوى المعارضة السورية (المعتدلة) وهو أيضاً منع التدخلات الايرانية في شؤون هذه المنطقة ووضع حد فعلي لهذه التدخلات.