كلام خارج السياق!
لا خوف على جمال الاردنيات، طالما أننا نستورد مواد تجميل بـ49 مليون دينار، فالصناعة الوطنية لا تكفي رغم انه عندنا البحر الميت ومواده التجميلية الممتازة، وجنون الاعلان في التلفزيونات يأخذ الجميع الى «العطارة الافرنجي» رغم اسعارها التي يتجاوز سعر الغرام الواحد منها وزنه ذهباً.
في قصيدة المتنبي ومطلعها الجميل:
من الجآدر في زين الاعاريب
حمر الحلى والمطايا والجلابيب
يقول صاحب الذوق الرفيع:
حسنُ الحضارة مجلوبٌ بتطرية
وفي البداوة حسنٌ غيرُ.. مجلوب
والتطرية في ذلك الزمان، صار اسمها الكريمات، كانت معروفة، ولعل صور نساء الفراعنة، بعيونهن المكحّلة الجميلة إنما هي نموذج مثير للدهشة بما يحتويه تمثال نفرتيتي المستقر في متحف برلين، الى جانب تسريحة الشعر الشينيون، والخدود الافريقية المرفوعة، ولون الشفاه، لعل هذه الصور ومثيلاتها في الحضارة اليونانية، تضع اصابعنا على تاريخ نسائي متصل نعرفه بالصور والمنحوتات، لكنه لم يصلنا في العطور وهي جزء من التزين النسائي.
حضارتنا العربية لم تحمل لنا الكثير من آثار الاقدمين، ولعل عمر بن ابي ربيعة هو وحده الذي اعطانا مقاييس الجمال لدى المرأة العربية بأردافها الثقيلة وصدرها المكتنز:
أبت الروادف والثدي لقمصها
مس البطون وان تمس ظهورا
اما الغزال وهو الرمز الدائم في الشعر القديم فلم تأخذ منه الرشاقة والجسم الممشوق, وإنما اخذنا منه العيون الجميلة فقط.
نهرب احيانا من الخبر اليومي الى شيء آخر ذلك ان هذا الحجم المرعب من الدم والدمار والحقد، صار هو الصورة التي تطالعنا في الاخبار، في جديدها وفي تكرارها الممل الموجع، ونتمنى اكثر الاحيان ان نتناول اشياء صغيرة جميلة في حياتنا، وفي ربيع بلدنا، وفي وطن نشوهه كل يوم بالتذمر والافتئات، والتطاول حتى كأنه ليس اكثر من حجرٍ يؤوي جياعاً ومرضى وعطاساً وعرايا.. وكأنه كومة حجار سائبة «قهقور» ينتظر من يرفسه لينهار.
مرّة كتبت بعد غيبة مرض خارج الوطن، اشواق عودتنا اليه، فكتبت: اشتقنا لعمان، لاسواقها المكتظة بالناس والسيارات، واشتقنا لصبية في الستين، وقد رضي عليَّ نصف الاردنيين، فبنت الستين يمكن ان تكون صبية، إذا كنت في الثمانين