حكومة نتنياهو المأزومة في دائرة النار!
نجح نتنياهو في تشكيل حكومة يمينية متطرفة في اسرائيل، هي حكومة تهويد واستيطان واستفزاز تتحرك باتجاه الحرب. ولكن في نظر الكثيرين، داخل اسرائيل وخارجها، ان ما حدث هو «انتصار المهزوم»، لأن نتنياهو شعر بالضعف والمهانة من شركائه في الاحزاب اليمينية، واستجاب صاغرا لابشع عمليات ابتزاز، في سبيل تشكيل حكومته الجديدة التي ولدت اضعف من حكومته السابقة، والتي اعتبرها الاسرائيليون حكومة مؤقتة او حكومة تصريف اعمال آيلة للسقوط في اية لحظة.
جاءت الحكومة اليمينية الضعيفة في اصعب الظروف التاريخية والمصيرية في المنطقة، على عكس ما ظن البعض بان اسرائيل مرتاحة جدا بسبب اشتعال الحروب الاهلية في أكثر من بلد عربي ادت الى اشغال الجيوش العربية او تدميراسلحتها على الاقل. اعتقد ان اسرائيل ستواجه المتاعب وتعاني من العزلة، ليس لاسباب عربية، بل المسألة تتعلق بالوضع الداخلي الاسرائيلي في ظل حكومة ضعيفة تتربص بها الاحزاب المعارضة لاسقاطها وجر الاسرائيليين الى انتخابات مبكرة اخرى، اضافة الى علاقات نتنياهو السيئة مع الادارة الاميركية والدول الغربية، التي باتت تسال عن مصير حل الدولتين الذي افشله، بل نسفه نتنياهو بدعم من حلفائه المتطرفين من قادة الاحزاب اليمينية المتشددة.
ويعتقد بعض المتابعين والمراقبين ان اسرائيل لن تكون بعيدة عن النار التي تشتعل من حولها، وستأتي اللحظة التي تجد فيها اسرائيل انها منخرطة في حرب اقليمية شاملة، خصوصا انها تضع في بالها قضية الملف النووي الايراني، وما زالت تسعى الى افشال الاتفاق قبل التوقيع عليه في الاسابيع القريبة. كما ان الازمات الداخلية قد تقود نتنياهو الى طريق مسدود، ومن الممكن ان تدفعه لارتكاب حماقة، حيث لا احد يستطيع التنبؤ بردود افعاله.
والحقيقة ان اسرائيل معنية بمشروع تقسيم الدول العربية الى دويلات طائفية وعرقية ايمانا بنظرية احد مؤسسيها الرواد ديفيد بن غوريون، ومن اجل امن واستقرار وديمومة الدولة العبرية، والمسالة الاهم، تصفية قضية الشعب الفلسطيني ومنع قيام دولته المستقلة.
هذه التطورات تزامنت مع احتفالات الاسرائيليين بمناسبة قيام الكيان الصهيوني في فلسطين، ومع استعدادات الشعب الفلسطيني لاحياء ذكرى النكبة، وهو الشعب الذي لا يسال عن وطنه، لأنه يعرفه جيدا بحدوده ونشيده وترابه وبحره، ولكنه يسأل عن دولته، في الوقت الذي انتهى فيه الاحتلال في كل انحاء العالم الا في فلسطين، التي تعاني، نتيجة الاحتلال، من التهويد والاستيطان والقهر، وفي الوقت الذي يحتفل فيه العالم بهزيمة النازية والفاشية والظلم.
واذا كانت الولايات المتحدة، قائدة العالم الحر الذي يصدّر الحرية والديموقراطية الى الجهات الاربع من العالم، تريد محاربة الارهاب وتجفيف منابعه، يجب ان تؤمن بالعدالة وبحق تقرير مصير الشعوب ايضا، وانهاء آخر احتلال على وجه الارض. بعد ذلك لا تحتاج الى تشكيل تحالف بين الدول والجيوش واشعال الحروب، فالطريق الاقصر الى الخلاص هو حل قضية الشعب الفلسطيني، لانها جوهر الصراع في المنطقة، وهي القضية المركزية التي فشلت عملية اخراجها من الذاكرة العربية عبر « الربيع العربي» ومن خلال اشعال الحروب الاهلية.