مشاعـر.. خارج الـزمن..
حين تكون المشاعر خارج الزمن.. تفتك الغربة بالنفس.. غربة داخلية تسكن القلب والوجدان. وتأخذ المرء في متاهات البحث عن الأسباب..التي لا وجود لها أصلا لاختلاف مفهوم المشاعر لدى الافراد, ولاختلاف وقائع الحياة في زمن متسارع يصوغ كل يوم أنظمة جديدة تباعد بين المرء وأحب الناس اليه ! فكيف تغدو الحياة إذ ذاك ؟ وما مآل من يتوه في عالم المشاعر التي لا وجود لها أصلا لدى الطرف الآخر الذي هو بيت القصيد.. ومحور العلاقة التي
تؤول الى الجفاف ساعة بعد ساعة.
نحن هنا لا نعتب على الزمن المتغير.. فهذه سنة الحياة , فقد ألفنا الاختلاف بينـنا وبين آبائنا , ولكننا نكره ان يكون هذا الاختلاف بيـننا وبين أبنائنا , وكأننا نقر بهذا أن ما نستسيغه لذواتنا نحسبه من المحرمات على أبنائنا ليس بالضرورة هم الأبناء تحديدا وإنما أردت القول إن الفرق الزمني الفاصل بين جيلين يحتم الاختلاف في معظم أوجه الحياة ,ومن شذ عن هذا فهو إما مكابر وإما كمن يضع نفسه في غير مكانه: فلا يستطيع مسايرة الجيل الجديد ولا يقبل العودة الى ما كان عليه , فيصبح رافضا لنفسه.. ومرفوضا من الآخرين.
لا بد ان نتقبل كل الذي يطرأ من تغيرات بروح نضالية تشق طريقها عبر هذا الاختلاف لنحافظ على ما تبقى لنا من حب ومودة بيننا وبين من هم دوننا سنا وخبرة , سواء مع من هم من جيل سابق او جيل آت , فنحن في اشد الحاجة لتلك المودة التي تمور في داخلنا والتي غالبا ما تترجمها العيون في نظرة عتاب تتزاحم فيها دموع العين..
ترجمة لغربة تفترسنا.. وتأبى الا ان تظهر آثارها في معركة تدور رحاها بين الضلوع.
لكل منا ابن اغترب ليصنع قواعد المستقبل.. فغاب لنكتفي بالتواصل عبر هاتف نقال لا ينقل الا القليل مما
نريد قوله , أو ابنة تزوجت.. فطارت من عشنا كالعصفور الى عش آخر.. فانشغلت عنا ببناء اسرة جديدة التهمت كل وقتها.. حتى اذا ما وصلت الى ما وصلنا اليه شربت من ذات الكأس.. اغتراب عمن سلف.. ولهاث خلف من أتوا.. لتكابد ذات المشاعر.. خارج الزمن.
الخروج عن هذا يكون مكلفا وغير مجد..لأن لا نتائج إيجابية نحصدها من أي محاولة هي بالتأكيد ضد الفطرة..
فطرة التقدم الى الأمام وليس السير الى الخلف.. فهذا الأخير هو عكس السير, ومخالف لأنظمة الحياة.
وما دام الأمر كذلك فعلينا ان نضع الحل بعد هذا العرض لمشكلة أزلية قائمة بين القديم والجديد ولن تنتهي ابدا.
علينا والحالة هذه ان نحافظ على علاقاتنا القديمة التي هي زادنا لما تبق لنا من أيام نفقد خلالها احبة يتساقطون سراعا كأوراق الخريف مخلفين لنا الحزن العارم لفقدهم.. تاركين إيانا نكابد ما تبقى لنا من عمر نعيشه على ذكراهم.. في ذات الزمن الغائب.. ذات الزمن الجميل.