0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

عاشوراء العراق وعشريته!

عشر سنوات مرت على احتلال العراق حولته متوالية التفكيك خلالها الى دولة فاشلة تحكمها عصابات كما تقول الصحف البريطانية ومنها الغارديان التي كان لها موقف متحفظ من الحرب على العراق، وهذه العشرين لها احزانها وندمها والشعور بان من وقف الى جانب الاحتلال كان براقش التي جنت على نفسها واحفاد احفادها.

لعاشوراء مرجعياتها كتراجيديا وطقوسها ايضا لكن العشرية بخلاف ذلك فهي صناعة انجلو امريكية، رغم ان هناك اطرافا عديدة ساهمت في التشطيبات، فالعراق الذي كان يسمى ارض السواد لفرط اخضراره هو الان شاحب وظامئ، وشريد حتى في عقر داره، والديمقراطية التي كانت ذريعة الغزو هي الان طوائف في حالة احتراب يقارب الانتحار الاهلي، وما من يوم يمر على العراق الا وفيه مجزرة حتى ان العراقيين اصبحوا يحصون ايامهم بعدد قتلاهم وليس بفناجين القهوة كما يقول الشاعر اليوت.

ان مجمل ما تقوله الصحف خصوصا البريطانية في هذه المناسبة يسقط مبررات الغزو ولو بأثر رجعي، فليس من اجل هذا الموت والخراب وتفسيخ النسيج الوطني الى طوائف حلم العراقيون، فمن عاد منهم من منفاه بعد عقود لم يجد العراق الذي تخيله عن بعد، خصوصا بعد ان سطت النوستالجيا لدى البعض على التفكير العقلاني، والسيناريوهات القادمة للعراق قد تكون الاسوأ، لان ما يجري الان هو مقدمات اخرى لتمزيق يصل حد التقسيم، ومن يستمرئون هذا الحال هم من اعداء العراق ومستقبله واطفاله ونخيله ومائه حتى لو زعموا عكس ذلك. لان من يريد ان يرضي نرجسيته الجريحة بمنصب ولو على خازوق سيبقى على الخازوق حتى يثقب رأسه، والأوطان لا تقايض بأية مكاسب عابرة، لكن الاختبار العسير الذي اختاره التاريخ نموذجا للعراق بدأ يفرز قمحه من زوانه، فالاقنعة المزخرفة سقطت تباعا، والقصب الحزين تحول الى نايات، لكن هناك من يرقصون على ايقاع الانين، وهذا بالضبط ما قاله فؤاد عجمي قبيل احتلال العراق، عندما بشر امريكا بان العراقيين سوف يستخفهم الطرب ويرقصون على ايقاعات القنابل والصواريخ.

لكن ما حدث كان العكس، فمن يرقصون الان هم الطيور الذبيحة التي لا تطيق الالم لفرط ما تصاعد وتكرر واقام.

عشرية العراق امثولة التاريخ التي ستبقى شاهدا على اردأ واقبح ما افرزت الكولونيالية في حقبة ما بعد الحداثة من اطروحات، فالحرب على العراق تصنف بانها استباقية، وبالتالي فهي في خانة حروب ما بعد الحداثة، سواء بالشرعية الملفقة او بتجريب الاسلحة المحظورة .

لقد صنع الاحتلال بكل ما لجأ اليه من تفكيك عراقا اخر على ارض العراق، وحين قال الجنرال شوارتسكوف انه سيعيد العراق الى القرن التاسع عشر لم يقصد الكهرباء وادوات التكنولوجيا بقدر ما كان يشير الى مرحلة ما قبل الدولة، حيث القبيلة والطائفة هما المرجعية الوحيدة لشعب عريق كان اول من كتب على الطين واول من علق الشرائع.

كان عراق الامس بعاشوراء واحدة، لكنه الان بعشرية حمراء، القاتل فيها هو الغازي او ما يسميه العراقيون منذ ثورة العشرين «ابو ناجي» والمقتول شعب بمختلف مكوناته، سواء احس بذلك او كان اخر من يعلم!