عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

رسالة علنية للرفاق

بالتأكيد، فإن بالإمكان أفضل مما كان، ومما سيكون، لكننا نتعامل مع واقع شديد التعقيد والتداخل، لدرجة يصعب الحكم عليه بالنتائج الفورية، الا اذا رغبنا في اسقاط رغباتنا وأمنياتنا على الواقع. أتحدث هنا عن الربيع العربي والموقف منه، وتحديدا اتحدث عمن يتهمون ادارات الربيع العربي بالعمالة للخارج، ويجعلون من محاولة اسقاطه نضالا وطنيا، ويسخرون من الثوار، بالقول، إنه خريف عربي وليس ربيعا.
نجح الربيع العربي في اسقاط ثلاثة أنظمة ونصف( النصف هي اليمن) ولم ينجح بعد في الكثير من المناطق. وهنا نجد أن الكثير من رفاقنا في اليسار العربي ينساقون وراء الأنظمة ويعتبرون الحفاظ عليها مهمة ثورية عاجلة، على اعتبار انهم، هم بالذات، من سيقوم بتغيير الأنظمة، بعد اختيار الزمان والمكان المناسبين.
لا أنتوي التهكم هنا على رفاقي، لأني أحبهم وأحترمهم، لكننا نختلف في الإجتهاد، وقد نكون معا من المخطئين  أو من انصاف المصيبين. لكنني هنا ارغب في التنوية للنقاط الآتية:
– ينطلق البعض من أن دول الربيع العربي غير مستقرة أمنيا وسياسيا حتى الان، وهذا وضع طبيعي بالنسبة لي، لأنها تكونت من قوى متنافسة ومتناقضة احيانا، لكنها اجمعت على ان سقوط الطاغية هو المرحلة الأولى للتغيير، ثم يتنافسون على السلطة، وهذا ما يحدث، ومن الطبيعي أن تحصل المصادمات ويسقط الضحايا، لكن الخسائر اقل بكثير من اي ثورة اخرى حصلت في أماكن أخرى.
– ندر أن تنجح ثورة من المرحلة الأولى، فالثورة البلشفية تحولت الى حرب اهلية للعديد من السنوات الى ان استقرت الأمور.والثورة الفرنسية احتاجت الى اكثر من مئة سنة حتى تستقر وتشرع في تطبيق اهدافها. وكذلك الثورة الإنجليزية التي تعرضت للردة بعد توقيع الـ(ماغناكارتا) بسنوات، ثم عادت الى مسارها فيما بعد.
–  هناك ثورات فاشلة عمليا، لكنها تحولت الى منارات للثائرين في كل مكان، ولعل اكبرها تأثيرا ثورة ارنتسو تشي غيفارا في بوليفيا، التي انتهت باستشهاده مع معظم رفاقة، لكنها ما تزال نبراسا ومشعلا يضيء الطريق أمام جميع الباحثين عن الحرية في العالم.ولا ننسى ثورة الطلاب في فرنسا، التي اجبرت ديجول على الاستقالة، وانتقلت الى الكثير من دول العالم، ثم تضاءلت حتى اختفت عمليا، لكنها ما تزال حتى الان ثورة دائمة في التغيير تركت اثارها في الحياة الاجتماعية والثقافية، وما تزال تؤثر في المسارات الجوفية للثورات الجديدة.
أقصد القول، إن مسيرة التغيير، بعد الطاغية – الذي يدمر انسانية البشر- وطويلة ومضنية، لكنها تعبر عن استحالة العودة الى القديم، واستحالة قبول الشعوب بما كان من هدر لكرامتها وحقها في الحياة الحرة، وهي مسيرة دائمة، لن نعيقها كثيرا ان وقفنا ضدها، لكننا نساعد انفسنا وشعوبنا في تحقيق ما تصبو اليه، إن وقفنا معها.