عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

اكسر مرآتك.. وامش واثقا

حسب الإلياذة والأوديسة لهوميروس، فإن اينياس الطروادي  سافر من طروادة بعد سقوطها، وبنى عدة نسخ من مدينته المدمرة في طريقه الى الأرض الجديدة التي وعدته بها الآلهة. غير أنه تغلب أخيرا على شعوره بالحنين الى الماضي، واستوعب أن المستقبل لا يمكن فهمه ببساطه، بإعتباره مرآة للماضي.
وبعده بحوالي 3الاف عام قال ماركس ساخرا، بأن التاريخ يعيد نفسه مرتين ، الأولى على شكل ملهاة والثانية على شكل ملهاة، وهو هنا يسخر من امكانية اعادة  عجلة التاريخ  في الأصل.
يقول المثل الأسكتلندي : «حذاء الشيطان لا يصدر صريرا» والمقصود هنا ان الشيطان(بمفهومه الرمزي) يتسلل خلسة الى ارواحنا، دون ان نحس به، ونتحول خداما له، دون ان نشعر أو ندري ، أما اذا عرفنا ودرينا بالمصيبة أعظم.
وهناك عبارة تتكرر كثيرا بأشكال متقاربة  تقول بأن طريق جهنم معبّدة بأجساد- أو أرواح – ذوي النوايا الطيبة. والذي يهمني هنا هم ذوي النوايا الطيبة فقط، الذين ينوون العودة بنا الى الماضي ، لنعود الى المجد والسؤدد والأمبرطورية العربية التي تتحكم بالعالم وتفرض عليه الجزية ، وليس العكس …وهذا غير ممكن، لا بل مستحيل .
استدرك هنا، ليس المستحيل ان نعود ونشكّل امبرطورية عالمية كبرى تعيد هيبتنا وتفرضها، لكن المستحيل ان نعود بذات الطريقة السابقة، فالتاريخ لا يعيد نفسه، كما اسلفنا، ولم تعد حتى الان (وفي المستقبل) ايه امبرطورية بطريقتها القديمة.
لا  الفراعنة ولا الكلدانيين ولا الأشوريين ولا  اليونان ولا الرومان ولا المغول ولا البريطانيين…ولن يعودوا، فما فات مات ، وكان نتاج ظروفه الإجتماعية  والتاريخية التي من المستحيل أن تتكرر بذات الهيئة ،في زمان مختلف. فأنت لا تجري في مياه النهر الواحد مرتين ، لأن مياه جديدة تجري بإستمرار، قالها فيلسوف عظيم قبل قرون.
الظروف التي تحول البيضة الى كتكوت، لا يمكن عكسها وإعادة تحويل الكتكوت الى بيضة. لن يحصل ذلك قط ، لكننا الى ان ندرك ذلك سنكون قد عبدنا طريق جهنم ملايين المرات .
اذا رغبنا ان نعيش حياتنا بحرية وكرامة، وأن لا نموت بلا جدوى. واذا رغبنا بأن لا نقاتل الآخرين- ونقتلهم ويقتلوننا-  لأنهم يختلفون عنا، وإذا اردنا ان نكون معول بناء لا اداة هدم..اذا اردنا ذلك ، فعلينا ان ننظر الى الماضي بحب  ونتعلم منه..ثم نكسر مرآتنا ونمشي الى الأمام.