«كل مواطن خفير»
المفترض أن يعرف الأردنيون أن المواجهة مع «داعش» وباقي أبناء العائلة الإرهابية قد بدأت وأن ما جرى هو مجرد معركة في حرب من المتوقع أن تكون طويلة ومتعددة الجبهات ولذلك فإنه علينا أن نتجنب وضع قيادتنا ووضع قواتنا المسلحة – الجيش العربي وأجهزتنا الأمنية تحت الضغط الإيجابي ومطالبتها بالاستعجال وتجاوز الخطط المرسومة التي هي الأعرف بها إن بالنسبة لوسائل وأشكال التنفيذ وإن بالنسبة للأوقات الزمنية المقررة .
نحن نعرف أن طيبة الأردنيين وإخلاصهم وحماسهم يدفعانهم إلى الاستعجال وإلى التعلق بتصورات وتقديرات قد تشكل عبئاً على صاحب القرار ،الذي من المفترض أن لا يواجه أي ضغط من أصحاب النوايا الحسنة والذين يستعجلون القضاء على هذا الوحش الإرهابي الذي غرز مخالبه في قلوبنا وأكبادنا، وعبئاً على قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية التي تخطط وتعمل في ظروف في غاية التعقيد والدقة .
إنه على الأردنيين ،الذين أثبتوا أنهم في طليعة الشعوب الحية ليس في هذه المنطقة فقط وإنما في العالم بأسره والذين أبدوا تماسكاً أثار إعجاب الأشقاء والأصدقاء وأغاظ الأعداء والحاقدين، أن يعرفوا وهم بالتأكيد وفي حقيقة الأمر يعرفوا أن قائدهم عندما يعدهم فإنه يوفي وستثبت الأيام المقبلة هذا وعلى غرار ما أثبتته الأيام القليلة الماضية لكن وبينما تلامس هاماتنا سحب السماء فإنه علينا ألَّا يدفعنا الحماس أن نتحول كلنا إلى مخططين وإلى غرف عمليات عسكرية.. إن هذا يشكل ضغطاً على قيادتنا وعلى قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية لا لزوم له ولا ضرورة .
إن مما لا شك فيه أن الثقة هي التي تدفع بعضنا أو كلنا إلى توقع أن يتحرك جيشنا العربي وعلى جنازير دباباته وآلياته الثقيلة والخفيفة ليصل إلى أوكار المجرمين ويفعل بهم أكثر بألف مرة مما فعلوه بنا في عام 2005 وفي الأيام الأخيرة عندما ارتكبوا جريمة من أبشع ما شاهده التاريخ.. إن هذا معروف ومقدر وهوسيأتي عندما تحين اللحظة الحاسمة لكن علينا ألَّا نترك عواطفنا الجياشة تشكل ضغطاً على صاحب القرار وعلى واضعي الخطط المطلوبة التي تخضع لاعتبارات كثيرة .
عندما تحركت وحدات من قواتنا المسلحة نحو حدودنا مع العراق دفعت الثقة بعض الأردنيين إلى تصور أنها ذاهبة في طريقها إلى «الرقة» والحقيقة أنَّ ما قامت به كان إجراءُ احترازي وضروري فهذا العدو ماكر ولا يؤتمن جانبه ومن الممكن أن يدفع ببعض إرهابيه نحو حدودنا ليتسربوا إلى بعض مدننا وقرانا البعيدة والقريبة وليرتكبوا جرائم ضد أهلنا وأطفالنا.. ولهذا فإنه علينا ،مع كل الاعتزاز بجيشنا العربي وتفوقه وشجاعته، أن نرفع شعار «كل مواطن خفير وكل أردني جندي» .
الآن أصبح الأردن أنشودة شجاعةٍ وتماسكٍ تتردد في وطننا العربي كله وفي أربع رياح الأرض وهذا يجب أن يدفعنا إلى المزيد من التماسك وإلى المزيد من الأصطفاف خلف قائدنا وخلف جيشنا العربي وخلف أجهزتنا الأمنية .. إنها بداية وليست نهاية فالمعركة في بدايتها والمشوار طويل جداً ولهذا فإن شعارنا يجب أن يكون :»كل مواطن خفير».. علينا أن نكون متيقظين وعلينا أن نحرس كل ذرة تراب في هذا الوطن الذي أصبح أنشودة عالمية وكونية .